خطبة الجمعة ودورها في تربية الأمة

Abdelghani Ahmed Jabr Mazhar d. Unknown
89

خطبة الجمعة ودورها في تربية الأمة

خطبة الجمعة ودورها في تربية الأمة

Maison d'édition

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

وسيرة الخطيب سرعان ما تنتشر بين الناس، والشائعات قد لا تقف عند حد، والناس ينظرون إلى العلماء والخطباء والآمرين بالمعروف بعيون بصيرة، والناقد بصير، وأعمال هؤلاء موضوعة تحت المجهر المكبر، فصغيرتهم تضخم إلى كبيرة، وكسرهم ليس له جبيرة، ومن الأمثال السائرة: زلة الجاهل يغطيها الجهل، وزلة العالم يضرب بها الطبل (١) . ومن الأبيات السائرة: لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم (٢) وعلى الخطيب أن يحذر مراقبة الله تعالى له قبل أن يحذر رقابة الناس عليه. عن مسروق ﵀ قال: جاءت امرأة إلى ابن مسعود ﵁ فقالت: تنهى عن الواصلة؟ قال: نعم، قالت: فعله بعض نسائك؟ فقال: ما حفظت وصية العبد الصالح إذا: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾ [هود: ٨٨] (٣) . فانظر كيف احتجت هذه المرأة بفعل بعض نساء ابن مسعود ﵁ وحاججته في ذلك. وهكذا فالناس شديدو الرقابة للعلماء والخطباء، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ورقابتهم لا تنحصر في العالم والخطيب نفسه، بل يرقبون نساءه، وأولاده، وأحفاده، ويتعلقون بأفعالهم، ويستدلون بسيرتهم وسلوكهم، والناس- إلا من رحم الله- يغلب عليهم الميل إلى التسويغ والترخص بأدنى الشبهات. ولا يكفي أن يكون الخطيب واقفا عند حد الكف عن المنكر الذي ينهى عنه، أو فعل الواجب الذي يأمر به، أو الالتزام به، أو الالتزام بالخلق الحميد الذي يحض عليه، بل ينبغي أن يكون متميزا عن غيره ممن يقتدي به: بفعل النوافل، والمسارعة إلى الخيرات، والمسابقة إلى الطاعات، والتشمير والمبادرة إلى

(١) الأمثال السائر. (٢) البيت من قصيدة مشهورة لأبي الأسود الدؤلي ﵀. (٣) تفسير ابن كثير (٢ / ٤٥٨) .

1 / 99