La grande fitna, partie 1 : Othman
الفتنة الكبرى (الجزء الأول): عثمان
Genres
ومعه أبو بكر وعمر، فقال لي: «أفطر عندنا الليلة يا عثمان.»
ومضى عثمان بعد ذلك في حديثه مع أصحابه فقال لهم فيما قال: لم يقتلونني؟ وقد سمعت رسول الله،
صلى الله عليه وسلم ، يقول: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا في إحدى ثلاث: رجل كفر بعد إيمانه، أو زنا بعد إحصانه، أو قتل نفسا بغير نفس .» فوالله ما زنيت في جاهلية ولا في إسلام قط، ولا تمنيت أن لي بديني بدلا منذ هداني الله، ولا قتلت نفسا، ففيم يقتلونني؟
1
ثم مضى في الحديث مع أصحابه فقال: لئن قتلوني لم يصلوا بعدي جميعا أبدا، ولم يقاتلوا عدوا جميعا أبدا. ثم مضى بعد ذلك في حديثه مع أصحابه ينهاهم عن القتل والقتال وهو يلحون عليه في قتالهم، فقال: إن رسول الله،
صلى الله عليه وسلم ، قد عهد إلي عهدا فأنا صابر على العهد الذي عهده إلي حتى أصرع في المصرع الذي كتب علي أن أصرع فيه. وظل كذلك يتنقل مع أصحابه بين هذه الأحاديث حتى أقبلوا عليه فقتلوه.
والناس يختلفون فيه وفي قاتليه أشد الاختلاف وأعظمه. ولكن الشيء الذي لا يقبل شكا ولا نزاعا، أن الله لم يحل دم عثمان لقاتليه. فقد يكون مخطئا في سياسته وقد يكون مصيبا، وقد يكون أصحابه قد جاروا عن علم أو عن غير علم. فأقصى ما يباح للمنكرين عليه والمخاصمين له، أن يثوروا به ويحملوا الأمة على هذه الثورة؛ فإن ظفروا باجتماع الكلمة على خصومته اختاروا من المسلمين ممثلين للأمصار والأقاليم، وكان على هؤلاء الممثلين أن يحاوروا عثمان ويناظروه، وأن يقولوا له ويسمعوا منه؛ فإن رأوا إقراره أقروه، وإن رأوا خلعه خلعوه ثم اختاروا للمسلمين إماما مكانه، ثم تركوا للإمام محاسبة عثمان على ما يمكن أن يكون لهم قبله من الأموال والدماء. فأما أن ينتدب الثائرون ولم يوكلهم المسلمون عنهم فيخلعوا الإمام، فلم يكن ذلك لهم. فكيف وهم لم يخلعوه، وإنما سفكوا دمه، وكان دمه حراما كدم المؤمنين جميعا، وكانت لدمه بعد ذلك حرمة أخرى هي حرمة الخلافة؟
والناس يعتذرون عن هؤلاء الثائرين معاذير كثيرة، يقولون: إنهم لم يكونوا يستطيعون خلعه خوفا من عماله في مصر والشام والعراق، ولم يكونوا يستطيعون الانتظار به خوفا من هؤلاء العمال، ولو لم يقتلوه لقتلهم هو أو لقتلهم عماله. ولكن كل هذه المعاذير لا تبيح لهم أن يسفكوا دما حرمه الله، وأن يستبيحوا سلطان الخلافة على هذا النحو.
ولعل العذر الوحيد الذي ينهض لهم كما ينهض لعثمان وينهض للذين اختصموا بعدهم في هذه القضية فسفكوا دماءهم بأيديهم وأباحوا من النفوس والأموال ما حرم الله، هو أن ظروف الحياة كانت أقوى منهم جميعا. وأن الله قد كتب عليهم أن يفتنهم في دينهم ودنياهم هذه الفتنة الكبرى التي فسرها علي لأهل الكوفة أحسن تفسير حين قال: «استأثر عثمان فأساء الأثرة، وجزعتم فأسأتم الجزع.»
تحدث ابن سعد قال: «أخبرنا الفضل بن دكين، قال: أخبرنا أبان بن عبد الله البجلي، قال: حدثني نعيم بن أبي هند، قال: حدثني ربعي بن حراش، قال: إني لعند علي جالس إذ جاء ابن طلحة فسلم على علي فرحب به علي، فقال: ترحب بي يا أمير المؤمنين وقد قتلت والدي وأخذت مالي؟ قال: أما مالك فهو معزول في بيت المال، فاغد إلى مالك فخذه. وأما قولك قتلت أبي، فإني أرجو أن أكون أنا وأبوك من الذين قال الله فيهم:
Page inconnue