La grande fitna (Deuxième partie) : Ali et ses fils
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
Genres
وما شر الثلاثة أم عمرو
بصاحبك الذي لا تصبحينا
فذهب الرجل فأهدى إلى محمد كما أهدى إلى أخويه.
كان الحسن إذن كارها للفتنة منذ ثارت، وقد روى الثقات من أصحاب الحديث أن النبي أخذ الحسن وهو صبي فأجلسه إلى جانبه على المنبر، وجعل ينظر إليه مرة، وينظر إلى الناس مرة أخرى، يفعل ذلك مرارا، ثم قال: «إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين كبيرتين من المسلمين.» فإذا صح هذا الحديث - وأكبر الظن أنه صحيح - فقد وقع هذا الحديث من نفس الصبي موقعا أي موقع، وكأنه ذكره حين ثارت الفتنة، وكأنه حاول بمشورته على أبيه في مواطنه تلك التي ذكرتها آنفا أن يصلح بين هاتين الفئتين من المسلمين فيحقق نبوة جده
صلى الله عليه وسلم .
وكأن بكاءه حين بكى لم يكن رفقا بأبيه وإشفاقا عليه فحسب، وإنما كان إلى ذلك حزنا لأنه لم يحقق ما توسم به جده فيه.
والمسلمون يختلفون كما حدثتك من قبل، فأما المؤرخون والمحدثون من أهل السنة فينبئوننا بأن عليا أبى أن يستخلف حين طلب إليه ذلك بعد أن أصيب.
يقول قوم: إن الناس طلبوا إليه أن يستخلف الحسن، فقال: لا آمركم ولا أنهاكم. ويقول قوم آخرون: إن الناس طلبوا إليه أن يستخلف، فأبى وقال: أترككم كما ترككم رسول الله.
وأما الشيعة فيزعمون أن عليا استخلف الحسن نصا، ومهما يكن من شيء فلم يعرض الحسن نفسه على الناس، ولم يتعرض لبيعتهم، وإنما دعا إلى هذه البيعة قيس بن سعد بن عبادة، فبكى الناس واستجابوا وأخرج الحسن فأجلس للبيعة، وطفق - كما يقول الزهري - يشترط على الناس أن يسمعوا ويطيعوا، ويحاربوا من حارب ويسالموا من سالم، فلما سمع الناس منه تكراره لأمر السلم ارتابوا وظنوا أنه يريد الصلح، وقال بعضهم لبعض: ليس هذا لكم بصاحب وإنما هو صاحب صلح.
وقد مكث الحسن بعد البيعة شهرين أو قريبا من شهرين لا يذكر الحرب ولا يظهر استعدادا لها، حتى ألح عليه قيس بن سعد وعبيد الله بن عباس، وكتب إليه عبد الله بن عباس من مكة يحرضه على الحرب، ويلح عليه في أن ينهض فيما كان ينهض فيه أبوه، فنهض للحرب وقدم بين يديه اثني عشر ألفا من الجند، جعل عليهم قيس بن سعد، وجعل معه عبيد الله بن عباس. وقوم يقولون إنه جعل على هذا الجند ابن عمه، وأمره أن يستشير قيس بن سعد وسعيد بن قيس الهمداني ولا يخالف عن رأيهما.
Page inconnue