149

Le Livre des différentes sectes

الفصل في الملل والأهواء والنحل

Maison d'édition

مكتبة الخانجي

Lieu d'édition

القاهرة

وَهَؤُلَاء كلهم كذابون قد وضح عَلَيْهِم الْكَذِب جهارًا على مَا نوضحه بعد هَذَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وكل هَؤُلَاءِ مَعَ مَا صَحَّ من كذبهمْ وتدليسهم فِي الدّين فَإِنَّمَا كَانُوا متسترين بِإِظْهَار دين الْيَهُود وَلُزُوم السبت بِنَصّ كتبهمْ وَيدعونَ إِلَى التَّثْلِيث سرا وَكَانُوا مَعَ ذَلِك مطلوبين حَيْثُ مَا ظفروا بِوَاحِد مِنْهُم ظَاهر اقْتُل فَبَطل الْإِنْجِيل والتوراة بِرَفْع الْمَسِيح ﵇ بطلانًا كليًا وَهَذَا الْجَواب إِنَّمَا كَانَ يحْتَاج إِلَيْهِ قبل أَن يظْهر من كذب توارتهم وكتبهم مَا قد أظهرنَا وَأما بعد مَا أوضحنا من عَظِيم كذب هَذِه الْكتب بِمَا لَا حِيلَة فِيهِ فاعتراض سَاقِط لِأَن يَقِين الْبَاطِل لَا يُصَحِّحهُ شيءٌ أصلا كَمَا أَن يَقِين الْحق لَا يفْسد شيءٌ أبدا فاعلموا الْآن أَن مَا عورض بِهِ الْحق الْمُتَيَقن ليبطل بِهِ أَو عورض بِهِ دون الْكَذِب الْمُتَيَقن ليصحح بِهِ فَإِنَّمَا هُوَ سغب وتمويه وإبهام وتحييل فَاسد بِلَا شكّ لِأَن يقينين لَا يُمكن الْبَتَّةَ فِي البنية أَن يتعارضا أبدا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق
فَإِن قيل فَإِنَّكُم تقرون بِالتَّوْرَاةِ والانجيل وتستشهدون على الْيَهُود وَالنَّصَارَى بِمَا فِيهَا من ذكر صِفَات نَبِيكُم وَقد اسْتشْهد نَبِيكُم بنصها فِي قصَّة الراجم للزاني الْمُحصن
وَرُوِيَ أَن عبد الله بن سَلام ضرب يَد عبد الله بن صوريا إِذْ وَضعهَا على آيَة الرَّجْم وَرُوِيَ أَن النَّبِي ﷺ أَخذ التَّوْرَاة وَقَالَ آمَنت بِمَا فِيك وَفِي كتابكُمْ ﴿يَا أهل الْكتاب لَسْتُم على شَيْء حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَمَا أنزل إِلَيْكُم من ربكُم﴾ وَفِيه أَيْضا ﴿قل فَأتوا بِالتَّوْرَاةِ فاتلوها إِن كُنْتُم صَادِقين﴾ وَفِيه أَيْضا ﴿إِنَّا أنزلنَا التَّوْرَاة فِيهَا هدى وَنور يحكم بهَا النَّبِيُّونَ الَّذين أَسْلمُوا للَّذين هادوا والربانيون والأحبار بِمَا استحفظوا من كتاب الله وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاء﴾ وَفِيه ﴿وليحكم أهل الْإِنْجِيل بِمَا أنزل الله فِيهِ وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ﴾ وَفِيه ﴿وَلَو أَنهم أَقَامُوا التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَمَا أنزل إِلَيْهِم من رَبهم لأكلوا من فَوْقهم وَمن تَحت أَرجُلهم﴾ وَفِيه ﴿يَا أَيهَا الَّذين أُوتُوا الْكتاب آمنُوا بِمَا نزلنَا مُصدقا لما مَعكُمْ﴾ قُلْنَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق كل هَذَا حق حاشا قَوْله ﵇ آمَنت بِمَا فِيك فَإِنَّهُ بَاطِل لم يَصح قطّ وَكله مُوَافق لقولنا فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل بتبديلهما وَلَيْسَ شَيْء مِنْهُ حجَّة لمن ادّعى أَنَّهُمَا بأيدي الْيَهُود وَالنَّصَارَى كَمَا نزلا على مَا نبين الْآن إِن شَاءَ الله تَعَالَى بالبرهان الْوَاضِح قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ أما إقرارنا بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل فَنعم وَأي معنى لتمويهكم بِهَذَا وَنحن لم ننكرهما قطّ بل نكفر من أنكرهما إِنَّمَا قُلْنَا إِن الله تَعَالَى أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى ﵇ حَقًا وَأنزل الزبُور على دَاوُد ﵇ حَقًا وَأنزل الْإِنْجِيل على عِيسَى ﵇ حَقًا وَأنزل الصُّحُف على إِبْرَاهِيم ومُوسَى ﵉ حَقًا وَأنزل كتبا لم يسم لنا على أَنْبيَاء لم يسموا لنا حَقًا نؤمن بِكُل ذَلِك قَالَ تَعَالَى ﴿صحف إِبْرَاهِيم ومُوسَى﴾ وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَإنَّهُ لفي زبر الْأَوَّلين﴾ وَقُلْنَا ونقول إِن كفار بني إِسْرَائِيل بدلُوا التَّوْرَاة وَالزَّبُور فزادوا ونقصوا وَأبقى الله تَعَالَى بَعْضهَا حجَّة عَلَيْهِم كَمَا شَاءَ ﴿لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون﴾ ﴿لَا معقب لحكمه﴾ وَبدل كفار النَّصَارَى الْإِنْجِيل كَذَلِك فزادوا ونقصوا وَأبقى الله تَعَالَى بَعْضهَا حجَّة عَلَيْهِم كَمَا شَاءَ لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون فدرس مَا بدلُوا من الْكتب الْمَذْكُورَة

1 / 157