Fiqh of Worship by al-Uthaymeen
فقه العبادات للعثيمين
Genres
السؤال (٥٨): فضيلة الشيخ، بعد أن عرفنا التوسل الصحيح وأقسامه، لابد لنا من معرفة التوسل الباطل، وهل له أقسام أيضًا؟
الجواب: التوسل الباطل أن يتوسل الإنسان إلى الله تعالى بما لم يكن وسيلة، أي بما لم يثبت في الشرع أنه وسيلة، لأن التوسل بمثل ذلك من اللغو والباطل والمخالف للمعقول والمنقول، ومن ذلك أن يتوسل الإنسان إلى الله ﷿ بدعاء ميت، يطلب من هذا الميت أن يدعو الله له، فإن هذا ليس وسيلة شرعية صحيحة، بل هو سفه من الإنسان أن يطلب من هذا الميت أن يدعو الله له، لأن الميت إذا مات انقطع عمله، ولا يمكن أن يدعو لأحد، حتى النبي ﷺ لا يمكن أن يدعو لأحد بعد موته ﵊، ولهذا لم يتوسل الصحابة ﵃ إلى الله بطلب الدعاء من رسوله ﷺ بعد موته، فإن الناس لما أصابهم الجدب في عهد عمر بن الخطاب ﵁ قال: اللهم إن كنا نتوسل إليك بنبينا ﷺ فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فقام العباس ﵁ فدعا الله ﷿ (١)، ولو كان طلب الدعاء من الميت سائغًا ووسيلة صحيحة، لكان عمر ومن معه من الصحابة يطلبون ذلك من رسول الله ﷺ، لأن إجابة دعائه أقرب من إجابة دعاء العباس بن عبد المطلب ﵁.
فالمهم أن التوسل إلى الله تعالى بطلب الدعاء من الميت توسل باطل لا يحل ولا يجوز.
ومن التوسل الذي ليس بصحيح: أن يتوسل الإنسان إلى الله بجاه النبي ﷺ فيقول: اللهم إني أسألك بجاه نبيك كذا وكذا، وذلك أن جاه الرسول ﵊ ليس مفيدًا بالنسبة إليك، لأنه لا يفيد إلا الرسول ﵊، أما بالنسبة لك فليس بمفيد حتى تتوسل إلى الله تعالى به، والتوسل كما قلنا اتخاذ الوسيلة الصالحة التي تثمر، فما فائدتك أنت من كون الرسول ﵊ له جاه عند الله؟ وإذا أردت أن تتوسل إلى الله على وجه صحيح، فقل: اللهم إني أسألك بإيماني برسولك، أو بالمحبة لرسولك أو ما أشبه ذلك، فإن هذا من الوسيلة الصحيحة النافعة.
الشفاعة المثبتة والشفاعة المنفية
(١) أخرجه البخاري، كتاب الاستسقاء، باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا رقم (١٠١٠) .
1 / 90