المبحث السادس أولوية الكيف المنظم على الكم المبعثر
لم تُمدح كثرة لذاتها، بل ذُمَّتْ؛ إذ كان أصحابها لا يفلحون، وقد قال تعالى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [يوسف: ١٠٣]، وقال تعالى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ [يوسف: ١٠٦]، وقال تعالى: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ [العنكبوت: ٦٣] وقد مُدِحَتِ القِلَّةُ المؤمنةُ حيث كانت شاكرةً، قال تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣]، ومُكِّنَ لها؛ إذ كانت مستضعفةً، قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [الأنفال: ٢٦]، وغَلَبَتْ عدوَّهَا بإذن ربها، قال تعالى: ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٤٩].
والقلَّة المنظمة المحكمة لأمرها تنتصر -بإذن الله- على الكثرة المبعثرة في عملها، وأولوية الدعوات مع التركيز في جذور البناء، قبل التوسع والانتشار في الفضاء،