Fiqh of Contemporary Transactions
فقه المعاملات المعاصرة
Genres
أدلة الأثر
أما الأثر فقد استدلوا بأحاديث منها: الحديث الأول: ما رواه البيهقي عن علي بن أحمد بن عبدان أنبأنا أحمد بن عبيد حدثنا محمد بن يونس حدثنا غانم بن الحسن بن صالح السعدي حدثنا يحيى بن يعلى الأسلمي عن عبد الله بن عباس -وليس هو عبد الله بن عباس الصحابي فهذا تحته بطبقتين- عن أبي النضر عن بشر بن سعيد عن المقداد بن الأسود قال: أسلفت رجلًا مائة دينار، ثم خرج سهمي في بعث بعثه رسول الله ﷺ، فقلت له: عجل لي تسعين دينارًا وأحط عنك عشرة دنانير.
فالصورة: أنه كان مائة وهي لأجل، فأراد التعجيل، فقال: عجل لي تسعين وأسقط عنك عشرة، فقال: نعم أفعل ذلك، فذكر المقداد لرسول الله ﷺ هذه المعاملة، فقال له الرسول ﷺ: (أكلت ربا يا مقداد! وأطعمته) فسمى هذه المعاملة ربا، وما وجه تسمية هذه المعاملة ربا؟ الربا هنا ربا النسيئة، ووجه التحريم لربا النسيئة هو الزيادة نظير جعله مالًا أمام الأجل، وهم قالوا: أصل الربا: وضع المال أمام الأجل، سواء بالزيادة أو بالنقصان، وبالزيادة هو ربا النسيئة الذي وضعه النبي ﷺ وقال: (ربا الجاهلية موضوع تحت قدمي هذه)، فقالوا: العلة أن يوضع مال مقابل الأجل سواء زيادة أو نقصانًا، وفي هذه المسألة نقصان مقابل الأجل، فقاسوا قياس الشبه، وقالوا بأن المال وضع نظير الأجل سواء بالزيادة أو بالنقصان، ولذلك قال له النبي ﷺ: (أكلت ربا يا مقداد! وأطعمته).
الحديث الثاني: عن ابن عمر ﵁ وأرضاه: (أن النبي ﷺ نهى عن بيع آجل بعاجل، وقال: الآجل بالعاجل أن يكون لك على رجل ألف دينار أو ألف درهم، فيقول: عجل لي خمسمائة ودع البقية)، وهذا عن ابن عمر ﵁ وأرضاه يرفعه للنبي ﷺ.
الحديث الثالث: روى البيهقي عن الزهري عن سالم بن عبد الله: أن ابن عمر ﵁ وأرضاه سئل عن رجل يكون له الدين على الرجل إلى أجل، فيضع عن صاحبه ويعجل له الآخر؟ قال: فكرهه ابن عمر ونهى عنه.
والكراهة هنا قد تكون كراهة تحريم أو كراهة تنزيه، والأصل في كلام هؤلاء -كما في قول أحمد والشافعي - التحريم، ويعضده قوله: فكرهه ونهى عنه، ونهى يعني: حرمه.
وهذا السند صحيح، وهو من أصح الأدلة التي استدلوا بها على أن الزهري ينقل عن سالم بن عبد الله، وهي من أصح الأسانيد.
الحديث الرابع: عن سالم بن عبد الله عن أبيه ابن عمر ﵁ وأرضاه: أنه نهى عن هذه المعاملة وقال: هي ربا.
الحديث الخامس: روى البيهقي عن أبي صالح في غزوة من الغزوات أنه تعامل معاملة بنفس معاملة المقداد بأن أخذ مالًا وعجله فأسقط منه، فسأل زيد بن ثابت عن هذه المسألة، فقال زيد: وقعت في الربا، وقعت في الربا، أو قال: لا تأكل ذلك، لا تأكل ذلك.
إذًا: عندهم قولان لصاحبيين جليلين هما زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر ﵄ قالا بأن هذه المعاملة ربا ولا تجوز.
هذه الأدلة من الأثر عند الجمهور من الشافعية، والمشهور عند أحمد والمالكية والأحناف وأيضًا جماهير التابعين.
4 / 4