Fiqh al-Sunnah
صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة
Maison d'édition
المكتبة التوفيقية
Lieu d'édition
القاهرة - مصر
Genres
وسؤال أهل العلم: هل لهذا النص ناسخ أو مخصص أو مقيد مثلًا. وإخبارهم بذلك ليس من نوع التقليد، بل هو من نوع الاتباع.
وسنبين إن شاء الله الفرق بين التقليد والاتباع في مسألة التقليد الآتية.
والحاصل أن نصوص الكتاب والسنة التي لا تحصى واردة بإلزام جميع المكلفين بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ.
وليس في شيء منها التخصيص بمن حصل شروط الاجتهاد المذكورة.
(٩) شبهة: الامتثال لقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ﴾:
اعلم أن من حجج المقلدين ادعاءهم الامتثال لقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ (١) قالوا: فأمر سبحانه من لا علم له أن يسأل من هو أعلم منه، وهذا نصُّ قولنا!!.
وقد أرشد النبي ﷺ من لا يعلم إلى سؤال من يعلم، فقال- في حد صاحب الشجة-: «ألا سألوا إذا لم يعلموا، فإنما شفاء العيى السؤال» (٢).
قال الشنقيطي ﵀ (٣):
أما استدلالهم بآية: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ فهو استدلال في غير محله.
فإن الآية لا تدل على هذا النوع من التقليد الأعمى الذي هم عليه من التزام جميع أقوال رجل واحد وترك جميع ما سواها.
ولاشك أن المراد بأهل الذكر أهل الوحي الذي يعلمون ما جاء من عند الله كعلماء الكتاب والسنة.
فقد أُمروا أن يسألوا أهل الذكر ليُفتوهم بمقتضى ذلك الذكر الذي هو الوحي.
ومن سأل عن الوحي وأعلم به وبُين له كان عمله به اتباعًا للوحي لا تقليدًا، واتباع الوحي لا نزاع في صحته.
(١) سورة النحل، الآية: ٤٣. (٢) سيأتي الحديث في «المسح على الجبيرة» من هذا الكتاب إن شاء الله. (٣) «أضوان البيان» (٧/ ٥١٠، ٥١١).
1 / 53