Fiqh al-Da'wah in Sahih al-Bukhari

Sa'id bin Wahf al-Qahtani d. 1440 AH
112

Fiqh al-Da'wah in Sahih al-Bukhari

فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري

Maison d'édition

الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢١ هـ

Genres

وسرَّ بما هو فيه من الخير؛ قال الإمام ابن القيم ﵀: " فيه دليل على استحباب تهنئة من تجدد له نعمة دينية، والقيام إليه، ومصافحته، فهذه سنة مستحبة، وهو جائز لمن تجدد له نعمة دنيوية، وأن الأولى أن يقال له: ليهنك ما أعطاك الله، وما منَّ الله به عليك، ونحو هذا الكلام؛ فإن فيه تولية النعمة ربَّها والدعاء لمن نالها بالتهنِّي بها " (١). لهذا قال النبي ﷺ لأبي بن كعب: " ليهنك العلم أبا المنذر " (٢) وذلك عندما سأله عن أعظم آية في القرآن فقال ﵁: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥] (٣) فينبغي للداعية أن يهنِّي إخوانه الدعاة والمدعوين ويسر بما يتجدد لهم من النعم ويندفع عنهم من النقم؛ فإن ذلك يجذب قلوبهم لمحبته، ومن ثم قبول دعوته. عاشرا: إيثار طاعة الرسول ﷺ على مودة القريب: من صفات الداعية الناجح: إيثار طاعة الله ورسوله على مودة القريب؛ ولهذه الصفة الحميدة لم يرد أبو قتادة السلام على كعب؛ لنهي الرسول ﷺ عن كلامه، قال كعب ﵁: " تسورت جدار أبي قتادة وهو ابن عمي وأحبّ الناس إليَّ فسلمت عليه فوالله ما رد عليَّ السلام، فقلت: يا أبا قتادة أنشدك بالله، هل تعلمني أحبّ الله ورسوله؛ فسكتَ، فعدت له فنشدته فسكتَ، فعدت له فنشدته فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناي، وتوليت حتى تسورت الجدار ". وهذا يبين مدى طاعة الصحابة ﵃ لرسول الله ﷺ. فعلى الداعية أن يحرص على طاعة الرسول ﷺ؛ لقوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: ٦٣] (٤) وقوله ﷺ: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» (٥)

(١) زاد المعاد ٣/ ٥٨٥، وانظر: فتح الباري لابن حجر، ٨/ ١٢٤. (٢) أخرجه مسلم، في كتاب صلاة المسافرين، باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي، ١/ ٥٥٥ برقم ٨١٠. (٣) سورة البقرة، الآية: ٢٥٥. (٤) سورة النور، الآية: ٦٣. (٥) متفق عليه من حديث أنس ﵁: البخاري، في كتاب الإيمان، باب حب الرسول ﷺ من الإيمان ١/ ١١ برقم ١٥، ومسلم، في كتاب الإيمان، باب وجوب محبة الرسول ﷺ أكثر من الأهل والولد والناس أجمعين ١/ ٦٧ برقم ٤٤.

1 / 114