Le documentaire : une très courte introduction
الفيلم الوثائقي: مقدمة قصيرة جدا
Genres
في الستينيات، كانت حركات الحقوق المدنية وحقوق الإنسان، والكفاح ضد الاستعمارية، والأسلحة النووية، وسباق التسلح خلال فترة الحرب الباردة، كلها علامات ميزت فترة من الاضطراب السياسي، وكان للطفرات التكنولوجية التي مكنت سينما الواقع وبزوغ فجر عصر الفيديو، مع ظهور أجهزة الفيديو المحمولة في عام 1967، دورهما في تحفيز الكثيرين للنظر مرة أخرى للفيلم الوثائقي كأداة داخل الحركات السياسية.
كان المخرجون الناشطون - الذين غالبا ما كانوا طلابا أو طلابا سابقين في مجتمع جامعي - ينظرون إلى أنفسهم باعتبارهم طليعة الحركة الثقافية للتغيير، ومن ثم كونوا جماعات مشتركة كانت تتقاسم العمل والفوائد بالتساوي؛ ففي الولايات المتحدة، نشأت جماعات لإنتاج الجرائد السينمائية المخصصة لرفع الوعي بالظلم الاجتماعي بين العمال في نيويورك وسان فرانسيسكو وشيكاغو. وفي فرنسا، خلال الفترة التي وصلت لذروتها مع الإضراب العام الذي حدث في عام 1968، كون جان لوك جودار وآخرون جماعة دزيجا فيرتوف التي اكتسبت شهرة واسعة لكنها لم تستمر طويلا، وقامت بتجربة مناهج السينما الطليعية. كون كريس ماركر وآخرون أيضا جماعة إيسكرا الأكثر نضالا، التي سميت على اسم جريدة لينين السرية، وركزت أكثر على قضايا العمل. وفي الجماعات البريطانية مثل لندن فيلم ميكرز ولندن ويمينز فيلم، كان الأعضاء يناقشون أي الأساليب تتميز بالفاعلية، ونوعية الجماهير التي يجب استهدافها.
وغالبا ما كانت حلقات الوصل على مستوى عالمي، ففي جنوب أفريقيا وجميع أنحاء العالم، استخدم الناشطون المناهضون للتمييز العنصري فيلم «نهاية الحوار» (1971) لحشد الدعم الدولي. نفذ الفيلم على يد مجموعة من المنفيين في لندن، وكان يكشف بأسلوب عنيف عن التباينات الحادة بين الحياة اليومية للأثرياء البيض والحياة اليومية للسود في جنوب أفريقيا، أم في الهند، فقد تعاون المخرج الناشط آناند باتواردهان مع المتظاهرين لتوثيق كفاحهم ضد الفساد الحكومي، وهرب المشاهد التي صورها وحصل على وظيفة في كندا، وهناك قدم بالتعاون مع المقاومين لحكومة الطوارئ الهندية فيلم «أمواج الثورة» (1975). عرض الفيلم عالميا (ولكن حظر عرضه في الهند)، واستخدمته المنظمات السياسية لحشد المعارضة للطوارئ.
وفي أمريكا اللاتينية من أدناها إلى أقصاها، عمل صناع الأفلام في مجموعات مستمدين الإلهام من مقاومة الثورة الكوبية للهيمنة الأمريكية، ومن ثم نشأ مفهوم «السينما الثالثة»، وهو مصطلح جاء لوصف السينما النضالية في العالم، واستغل صناع الأفلام في العالم النامي هذه الفكرة مثلما فعل صناع الأفلام في جميع أنحاء العالم الذين شعروا بأنهم مهمشون أو رأوا أنفسهم تجسيدا للمضطهدين.
اشتق مصطلح «السينما الثالثة» من مفهوم «العالم الثالث» الذي يشير إلى الأمم والحركات الثقافية التي طالبت بالاستقلال عن نزاع الحرب الباردة بين القوتين العظميين، وقد وعدت برؤية للتغيير السياسي لم تكن مقيدة بالحزب الشيوعي السوفييتي الذي أصبح سيئ السمعة آنذاك، وكان المفكرون والفنانون في جميع أنحاء العالم ينظرون إلى الثقافة باعتبارها ذراعا لهذه الحركة. لقد كانت السينما الأمريكية اللاتينية المستقلة والمنشقة - «السينما الجديدة» أو «سينما نوفو» في البرازيل - تتولى القيادة، وكان الفيلم الوثائقي، كما ذكر مايكل شانان، ملمحا مهما لها.
كانت كوبا - حيث أممت صناعة السينما بحلول عام 1960 - مركزا للإنتاج والدعم للمخرجين المستقلين الذين كانوا يتعرضون للقمع والهجوم في بلادهم (فقد تعاون جوريس إيفينز مع بعض رواد صناعة الأفلام في كوبا في الستينيات)، وأطلق المصور والمخرج الكوبي سانتياجو ألفاريز النسخة الكوبية من جرائد عين السينما السينمائية، وقدم العديد من الأفلام الوثائقية. لا تعرض هذه الأفلام ثورة الغضب المتقدة ضد الظلم فحسب، ولكنها تعرض أيضا الدعم الحماسي للثورة. كان من أوائل التجارب الوثائقية لألفاريز فيلم «الآن» (1965)، وهو فيلم مثير نظرا لإعادة استخدامه صورا نادرة؛ ففي هذا الفيلم، شكل ألفاريز استنكارا واتهاما للعنصرية في الولايات المتحدة من خلال مجموعة من الصور في المجلات والصحف للصراع العرقي، وكانت الموسيقى التصويرية أغنية للينا هورن عن الحرية.
أما في الأرجنتين، فقد أسس فرناندو بيري مدرسة سينمائية كان لها دور اجتماعي، وكان أول فيلم لهذه المدرسة «ألق لي بدايم» (1960) الذي يظهر كيف كان الأطفال الصغار يجمعون المال من أجل إطعام أسرهم بتسول قطع النقود من المارة في القطارات. يخلو الفيلم من التعليق إلى حد بعيد، متبنيا الأسلوب الواقعي الحديث الذي درسه بيري في إيطاليا، ويتعقب الصغار في لقطات متحركة وهم يركضون بجوار القطار: إنه يستنكر من خلال الإفشاء. ومع ظهور الاستقطاب السياسي في الأرجنتين، شارك المخرجون الذين تعلموا على يد بيري أو استمدوا منه الإلهام في حركة المقاومة المنظمة أو الكفاح المسلح، وغالبا ما كانوا يضطهدون، بل إن الكثير منهم قد «اختفى».
كان من أكثر مخرجي الحركة تأثيرا المخرج الأرجنتيني فرناندو سولاناس وعالم الاجتماع الأرجنتيني أوكتافيو جتينو، اللذين أصدرا معا بيانا عاصفا شديد التأثير يدعو ل «سينما ثالثة» (كانت السينما الأولى هي هوليوود، والثانية هي «السينما التجريبية» أو «سينما المؤلف»)، وقد أكدا أن السينما لا يجب أن تكون مجرد «مطرقة»، كما وصفها جريرسون، ولكن يجب أن تكون فعلا يؤدي إلى «التحرر من الاستعمار» في حد ذاتها. كان هدفهما هو «مزج جماليات الفن بحياة المجتمع»، مما يجعل المفكرين مرتبطين بالثورة شأنهم شأن الجماهير. نظريا، من المفترض أن ينفذ مثل هذه الأفلام فريق عمل ثوري، وأن تعرض في «مساحة محررة»، ويختفي المتفرجون، ويقوم عمل فني أنتج إنتاجا جماعيا بحث المشاهدين على التحرك. ومثل هذا النوع من السينما يشن حربا ضد العدو الأقوى على الإطلاق؛ ذلك العدو الموجود بداخلنا جميعا الذي يقاوم خلق «الإنسان الجديد» الثوري مثلما كان الكوبيون يفعلون.
جرب سولاناس وجتينو نظريتهما في فيلم «ساعة الأفران» (1968) في إطار حركة سينما جماعة التحرير. يتناوب الفيلم في ثلاثة أجزاء مجموعها أكثر من أربع ساعات، ما بين الهجوم والجذب والشرح والتأمل، وهو مناقشة يديرها أستاذ جامعي ساخط يهز طلابه من طية صدر ستراتهم. يتناول الجزء الأول الاستعمار الجديد في الأرجنتين، ويتناول الثاني صعود الرئيس الأرجنتيني خوان بيرون، الذي أرسى نظام المؤسسات والذي حظي بحب جارف من الطبقة العاملة، وكذلك المعارضة للانقلاب الذي أطاح به في عام 1955، أما الجزء الثالث، فيتناول الطرق لمستقبل ثوري. وقد استخدمت أدوات لإثارة مشاعر القلق والصدمة منها: العناوين الداخلية مع كلمات قابلة للتضاعف، والشاشات البيضاء، وتركيز مدته خمس دقائق كاملة على الوجه الميت لتشي جيفارا الذي أهدي إليه هذا الفيلم.
عرض الفيلم خلسة في الأرجنتين وفي دول أخرى من دول أمريكا اللاتينية، وعرض على نطاق واسع في مختلف أنحاء العالم في المهرجانات السينمائية وفي دور العرض. وفي الولايات المتحدة، حظي فيلم «ساعة الأفران» بشعبية ورواج لدى الجماعات السياسية الراديكالية؛ ففي شيكاغو، على سبيل المثال، عرضته جماعة يانج لوردز - التي نشأت في بورتوريكو كتشكيل عصابي ثم تحولت إلى جماعة ضغط - وسرعان ما أرسل سولاناس وجتينو وكثيرون آخرون إلى المنفى.
Page inconnue