La pensée arabe moderne : l'impact de la Révolution française sur son orientation politique et sociale
الفكر العربي الحديث: أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي
Genres
قد يكون فولتير غير عميق، وقد يكون قليل الثقة بجماهير الشعب، على أن سعة الآفاق التي تناولها، وسخره اللاذع وشكه، واحتكامه إلى العقل، وحماسته للعلم، وعناده في المقارعة، وتوجيهاته الجديدة في بعض المواضيع،
13
ودفاعه عن حرية الرأي ، ذلك كله مضافا إلى قلم من أصفى الأقلام وأخصبها، وأسلوب من أقرب الأساليب إلى الشعب، جعله في طليعة الأعلام الذين أيقظوا النفوس والأذهان وبعثوا فيها الحرارة لاستقبال عاطفة الثورة ولفحها الحار.
أضحك فولتير فرنسا وأوروبا على الدعوى والسخافة والتعصب والتذرع بحماية المناصب والمقامات، وأغضب فولتير فرنسا وأوروبا على جميع هذه العاهات والآفات.
كان إذا باع وكيل الخرج في بلاط لويس الرابع عشر نصف الخيول من إسطبلات الملك يصيح: كم كان أقرب إلى المعقول لو صرف نصف الحمير الذين يعج بهم البلاط الملكي! فكان الفرنسيون يقهقهون بالطبع، ثم لا يلبثون أن يتأملوا بذخ البلاط ويستنكروه ويسخطوا عليه.
ولا ريب أن هذا الساخر (الفج أحيانا) كان شديد الخبث والنعومة أيضا؛ فكان يستغلق على سامعه تمييز عبثه من جده، وقدحه من مدحه. وقد نفث خبثه على كثيرين، منهم «المسكين»
Fréron
الذي حكى عنه فولتير أن الحية لدغته فماتت فلم يعرف أماتت الحية لقداسة الملدوغ أم لأن سمه أسرى من سمها وأفتك؟
14
ولعل أول سؤال ينبغي لقارئ فولتير أن يسأله: هل الرجل جاد في كلامه أم عابث؟ وسيرى أنه كثيرا ما يكون صاحب جد عظيم فينظر إلى الشعب «يسبح الله ويرقص حول الجزار»، ويستمع إلى الإنسان يصرخ بجاره: «فكر كما أفكر يا قليل التقوى وإلا قتلتك»، فيحاول الفيلسوف تعليل ذلك ويقول:
Page inconnue