قالوا: فمن الرجل؟
أجاب: هو من ذكرت لكم اسمه؛ هو أنيبال بلميري، قد اقترح علي إنقاذي من تلك المصيبة، لكنه اشترط علي أن أزوجه ابنتي، وقبلت شرطه.
فانبرت لورانس كاللبوة التي تدافع عن أشبالها، وقالت: كلا، ذلك لا يكون أبدا، إنك وعدته، ولكنك لم تعاهده إلا عن نفسك ... وعندئذ انفتح الباب وظهرت بوليت، فأتمت جملة أمها قائلة: وبوليت تفي بوعد أبيها، فأنا مستعدة للاقتران بالمسيو بلميري يا أبي. •••
قلنا إن الأميرال وزوجته تركا في البيت شخصا آخر، وكان ذلك الشخص الفتاة بوليت، وقد أتت تزور جديها وأمها مصحوبة بوصيفتها، فصادفت الأميرال عند باب البيت، وعلمت بقدوم أبيها، ثم لما تركها الكل خطر لها أنهم سيتكلمون عنها؛ فأنصتت من وراء الباب فسمعت الحديث، فاستيقنت أنها ستفقد هناءها بذلك الزواج، فأملى عليها الإخلاص تلك الجملة التي قالت فيها إني مستعدة للاقتران بالمسيو بلميري يا أبي.
ثم خذلتها قواها، ولو لم تمسكها والدتها لوقعت على الأرض، فصاحت لورانس: ابنتي، ابنتي، عودي إلى هداك وتناسي هذه الكلمات التي تلفظت بها دون تدبر، فإنك تجودين بحياتك وهنائك. فأجابتها: بل أشتري شرف أبي.
ثم انثنت إلى أبيها وقالت له: أصبت في عدم ارتيابك بإخلاصي، وأحسنت فيما فعلت.
وأسندت رأسها إلى كتف لورانس، وقالت لها بصوت خافت: يلوح لي أن في فؤادي شيئا قد انقطع ... ولا أدري ما أعاني ... ولا أتألم ... آه يا أماه، أظن أن أجلي قد دنا!
فتفرست لورانس في وجهها فإذا هي صفراء كميتة، ثم سمعتها تئن أنينا ضعيفا وتقول: وداعا يا أماه!
وأفلتت من يدي لورانس فسقطت على الأرض. جرى ذلك في بضع ثوان، فصرخت لورانس صرخة موجعة وقالت: وا مصيبتاه.
وارتمت على ابنتها وحملتها وهي تكاد تجن حزنا، أما الكونت والأميرال فتسلط عليهما الرعب من يأس الأم وإغماء ابنتها، وبعد جهد تمكنا من أخذ بوليت فمدداها على مقعد، وفركت جدتها صدغيها بالماء، ولورانس ترش على شفتيها الحياة ، فقالت: إنها تحركت، فهي لا تزال حية.
Page inconnue