Dans la Voie de la Réforme

Ali al-Tantawi d. 1420 AH
26

Dans la Voie de la Réforme

في سبيل الإصلاح

Maison d'édition

دار المنارة للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الرابعة

Année de publication

١٤١٦ هـ - ١٩٩٦ م

Lieu d'édition

جدة - المملكة العربية السعودية

Genres

لا أصنع إلا ما أجده نافعًا معقولًا، ولي من جرأة جناني، ومضاء لساني عاصم من لومهم وتعنيفهم، وهذا هو المولود الثالث لا الأول، فكيف تكون الحال لو كنت من الأثرياء الذين يخالطون الناس، ويقومون بحقوقهم؟ وكيف لو كان المولود صبيًا بكرًا؟ ففكروا كم ننفق من الأموال في أشياء لا يأتي منها خير، وما في تركها ضرر، ونحن نشكو الفقر والمرض والجهل؟ أعرف رجلًا تزوج فأهدي إليه يوم زفافه، من أصدقائه وصديقاته وأقربائه وقريباته، مائة وست عشرة باقة زهر، ثمن أدناها خمس ليرات، وقد يبلغ ثمن أعلاها العشرين، فحار أولًا أين يضعها، ومن أين يأتي لها بالكؤوس والأواني، ثم بدا له فجعلها حول سرير العروسين، فكان لها منظر رائع خلاب، ثم مرت الأيام ففسدت وجفت فاستأجر رجلًا يحملها ليلقيها في إحدى المزابل! ألف ليرة تلقى على مزبلة، ونصف الأمة يتضوّر جوعًا! وأعرف آخر من التجار أبى له سفهه وتبذيره وكفره بنعم الله إلا أن يوزع السكر على نحو خمسمائة مدعوّ لحضور عقد ولده في علب من الفضة في كل منها صحن من البلور، لا أدري من أين جاء بها فما في بلدنا منها، قالوا، إن ثمن الواحدة منها خمس عشرة ليرة، فهذه سبعة آلاف وخمسمائة ليرة، دون باقي المصروفات، في الفرش والزينة والثياب. وإن من نساء هؤلاء النفر من التجار الفجار الأشرار (١) من تشتري المعطف الواحد بألف ليرة، وإذا لم تصدقوا فاسألوا تجار الفرو! والتبذير في أتراح هؤلاء الأغنياء لا يقل عنه في أفراحهم، فلا تخرج جنازة أحدهم حتى يمشي معها رجال المولوية بقلانسهم التي تشبه علب اللبن، وثيابهم التي تحكي إذا داروا المخاليط الناقصة التي وصفوها لنا في درس الهندسة أيام المدرسة (٢)، ولا يمشون حتى يقبض شيخهم الرسم المقرر، خمسمائة ليرة. وأمام

(١) وهم بحمد الله قلة، وجمهرة التجار في الشام من المزكين المحسنين. (٢) انقرضت الطريقة المولوية الآن من دمشق، وقد كانت بدعة من شر البدع.

1 / 29