قلت: هونا هونا أيها الصديق، فمهما يكن من حكم هذه الكتب الملعونة، فكن على يقين أننا في هذه الحجرات المعدودات لا نعرف كتابا يطاع كل الطاعة، ولا إماما يتبع كل الاتباع، ولك أن تطمئن فيها بعض الاطمئنان إلى غاندي، وإن عز عليك أن تطمئن كل الاطمئنان إلى أبيقور.
زاهد الهند نعى الدنيا وصام
أنا أنعاها ولكن لا أصوم
طامع الغرب رعى الدنيا وهام
أنا أرعاها، ولكن لا أهيم
بين هذين لنا حد قوام
وليلم من كل حزب من يلوم
إن هذه الكتب الملعونة - كتب الغذاء والفيتامين - حقيقة أن تراجع وتستشار، وليست بحقيقة أن تسيطر على العقول والأجساد؛ لأنها تعطي الجسد ما يحتاج إليه بمقدار ما يحتاج إليه، فتسلبه بذلك ألزم خصائص الجسم الحي وهي طبيعة التعويض والتمثيل والتصحيح، وخير من هذا أن نعطي أجسامنا شيئا ناقصا في هذه الوجبة، وشيئا زائدا في تلك فتبقى للجسم قدرته على تعويض النقص، وتوجيه الزيادة إلى وجهتها، ونعامله معاملة الراشد الذي يعمل لنفسه، ولا يكلفنا أن نعمل له كل لقمة وكل جرعة وكل طبخة، ولست ممن يرتضي القصور للعقول ولا للأجسام، فكلاهما في القصور معيب، وكلاهما في الرشد جميل.
قال صاحبي: وإن جسمي لمن أرشد الأجسام في ساعة الطعام.
قلت: إنك الساعة تخيفني أشد مما أخفتك يا صاح بذلك التمهيد.
Page inconnue