يا شمس فضل فدتك الشهب قاطبة ... إذ عنك لا أنجم تغني ولا شهب
لما أصابك لا قوس ولا وتر ... سهم المنية كاد الكون ينقلب
ما حيلة العبد والأقدار جارية ... العمر يوهب والأيام تنتهب
لو افتدتك المنايا عندما فتكت ... بخيرنا لفدتك العجم والعرب
وأمست لفقدك عين العلم سائلة ... ترجو الشفاء وأنى ينجح الطلب
إلى آخر هذا النظم الذي ينبئنا بأن ذوق الشاعرلم يكن قد تهذب بعد، وأنه يحاكي الشعراء المتأخرين في نسجهم الضعيف, واستعاراتهم السمجة، مثل "عين العلم سائلة" وغير ذلك.
وفي سن العشرين بدا له أن يحج إلى بيت الله الحرام، وهناك اتصل بأشراف مكة "آل عون"، فأكرموه، واصطحبوه معهم في غزواتهم, وحروبهم مع آل سعود وأمراء اليمن، وظل بجوارهم خمس سنوات يسجل انتصارتهم، ويسبغ عليهم مديحه، ولما عزل الأمير محمد بن عون عن إمارة مكة، ورحل إلى الآستانة, صحبه الشاعر ثمة، ومكث معه قليلا، ثم تركه، ورجع إلى مصر، ولسنا ندري سببا لتركه: أيئس من عودة الأمير إلى أريكته, فأراد أن يبحث عن شخص آخر يستظل بظله؟ أم أن الأمير رأى نفسه معزولا قليل المال, فبرم بصحبة شاعر يعوله وينفق عليه في غربته؟ ولما عاد إلى إمارته لم يستدع شاعره الصداح، وفي شعر الساعاتي ما يدل على أن القطيعة كانت من الأمير من مثل قوله يخاطبه:
أوليتني الآلاء ثم تركتني ... مثل الذي حلت به اللأواء
ما كان ذا أملي الذي أملته ... فيكم وأنتم سادة كرماء
ويقول:
وحبوتموني بعدها بقطيعة ... أكذا يكون تكرم وحباء # وقال مرة يعاتبه، ويظهر يأسه منه، وكأنه يودعه إلى غير رجعة:
Page 134