Le philosophe et l'art de la musique
الفيلسوف وفن الموسيقى
Genres
القسم الثاني: الموسيقى، والكنيسة، والبوليفونية في العصر الوسيط
كانت توجد في العصور الوسطى أنواع متعددة من الآلات صنعت، بحيث يتسنى لها إحداث أصوات في وقت واحد؛ فقد كان في وسع الأرغن المائي (
Organ hydraulic ) الذي سبق أن عرفه الرومان والبيزنطيون، أن يحدث صوتين في وقت واحد. وكذلك الحال في «القرب» (
bagpipe ) الاسكتلندية التي ترجع إلى تاريخ قديم، والتي يمكن تتبع أصلها - مع اختلاف في أسمائها - إلى فترات موغلة في القدم من عصور الموسيقى الغربية، وفي هذه القرب يؤدي خروج الهواء من القربة وحدها إلى إحداث ذبذبات هوائية في القصبة التي تعزف صوت الاصطحاب الطنيني (
drone ) لصوت المزمار الذي يؤدي نفخه إلى إحداث الأنغام المختلفة، بل إن الموسيقي المتجول (
Jongleur ) ذاته، الذي كان يصاحب أشعارا قصصية لتربادور والمينسترل بالفيلا (
vielle ) كان يدعم لحنه بمجموعة متعاقبة من التآلفات الهارمونية المبتسرة.
وإنا لندين بمعرفتنا للآلات الموسيقية في العصور الوسطى - إلى حد بعيد - لأولئك الفنانين القوطيين الذي نقلوا إلينا أشكال آلات عصرهم بالتصوير والنحت، ووصفوها نغما وشعرا؛ فالتصوير والنحت القوطي قد تركا لنا صورة واضحة لهذه الآلات، كما حدد الشعر طريقة استخدامها، وأهميتها بالنسبة إلى مجتمع العصور الوسطى المتأخرة. كما إننا نعلم أن آلات العصور الوسطى هذه كانت تستخدم مستقلة، كما كانت تستخدم بمصاحبة الغناء، ولكي تؤدي سطورا لحنية في مخطوط موسيقي إذا ما طلب إليها ذلك. ولقد كان الأرغن أرقى الآلات في العصور الوسطى وعصر النهضة، وكان يمتاز بأنه الآلة الأولى والأساسية للكنيسة؛ ومن هنا فإن اللاهوتيين، الذين احتجوا على ضياع هيبة الموسيقى الدينية، كانوا عادة يدرجون الاستعمالات الجديدة للأرغن في شعائر الصلاة، ضمن المؤشرات السيئة التي يكافحونها.
وقد مر توزيع الأصوات والتدوين الموسيقي بعدة مراحل في تطوره؛ فالتدوين قد مر بثلاث مراحل متميزة؛ ففي نظم التدوين المستخدمة في الموسيقى اليونانية والرومانية، وكذلك المسيحية المتقدمة، لم تكن رموز الأنغام تدل على مدتها الزمنية؛ إذ إن اللحن كان خاضعا للنص الكلامي، وكان الوزن الشعري هو الذي يحدد طول النغمة وقصرها، وما على الخط الموسيقي إلا أن يتبع النص ارتفاعا وانخفاضا، وفي مرحلة ثانية تالية كانت هناك إشارة غير مباشرة إلى المدة الزمنية باستخدام نظام «النومس»
neumes (العلامات) الذي نجده في الأناشيد الجريجورية منذ القرن التاسع. وفي المرحلة الثالثة كانت المدة الزمنية توضح برموز مناظرة لها. وهكذا فإن هذه المرحلة الثالثة هي وحدها التي يمكن أن يقال إنه قد وجد فيها نظام قياسي يحتوي على علامات تدل على مدد زمانية محددة المعالم.
Page inconnue