Le philosophe et l'art de la musique
الفيلسوف وفن الموسيقى
Genres
وكان القيصر ألكسندر الثاني (1818-1881م) قد حرر العبيد الروس، ومنح الفنون كلها نوعا من الحرية النسبية، فأصبح التعبير عامة أكثر تحررا، وبدأ الشاعر والموسيقي في الكتابة والغناء تمجيدا لوطنهم، لا لبلاد أخرى بعيدة عنه. وقد عمل ميلي ألكسيفتش بالاكيريف (1837-1910) وهو من تلاميذ جلنكا، والموسيقي المحترف الوحيد من الخمسة، عمل بجد في سبيل إنشاء مدرسة موسيقية روسية إلى أن انطوى على نفسه في عزلة دينية صوفية. كذلك فإن سيزار أنطونوفتش كوي (1835-1918م) قد شجع الثورة الفنية، بوصفه عضوا في الخمسة، من خلال الموسيقى والأدب، ولم يكن يطيق صبرا على تلك الشخصيات الموسيقية أو الأدبية التي تقدس التقاليد الموروثة في الفن تقديسا مبالغا فيه. أما ألكسندر بورفيريفتش بورودين (1834-1887م) فإن شهرته تقوم على تلك الأوبرا التي عرضت بعد وفاته، وهي «الأمير إيجور
Igor »، ولقد كان «مودست موسورجسكي» (1839-1881م) أكثر الموسيقيين الخمسة أصالة، وأقواهم أثرا - بعد جلنكا - في خلق مدرسة روسية للموسيقى القومية. وقد كانت إيقاعاته الجريئة، وهارمونياته المتغيرة، وتنافراته الحادة تصور العالم الروسي المحيط به، أما أسلوبه فكان شخصيا، وكان يعني بالنسبة إليه وسيلة منظمة لتصوير طبيعة الشعب الروسي وحياته بطريقة واقعية، وعندما كان يجد القوالب أو المقامات الموسيقية التقليدية تعجز عن التعبير عما يراه ويحس به، فإنه كان يتخلى عن التقاليد الشائعة، ويستعيض عنها بوسيلة للاتصال الموسيقي تتيح له التعبير المناسب. وكان شعاره الفني هو أن الموسيقى وسيلة للاتصال لا غاية في ذاتها.
وينبئنا نيكولاي أندريفتش ريمسكي-كورساكوف (1844-1908م) في ترجمته الذاتية لحياته أن «الخمسة» كانوا ينظرون إلى أساطين الموسيقى القدامى على أنهم سذج عفا عليهم الزمان «فقد كانوا ينظرون إلى يوهان سباستيان باخ على أنه متحجر، بل على أنه مجرد طبيعة موسيقية رياضية لا مشاعر فيها ولا حياة، يؤلف موسيقاه، كآلة صماء.» ومع ذلك فقد وجد كورساكوف من الضروري، وهو في الثلاثينيات من عمره، أن يبذل مزيدا من الجهد في دراسة فن الأساطين القدماء، حتى يستطيع استخدام التأليف الموسيقي أداة أكثر فعالية في التعبير عن مشاعره بمزيد من العمق. وقد أفضت به رغبته الحارة في تحقيق ذاته بوصفه مؤلفا موسيقيا إلى أن يصبح أستاذا في التوزيع الأوركسترالي والتلوين النغمي الذي يتميز بالفخامة المثيرة الشائقة. بفضل تمكن كورساكوف من فن التأليف الموسيقي على هذا النحو، أمكنه أن يصل بالآراء الجمالية لجماعة الخمسة إلى اكتمالها التام، الذي كانت فيه مدرسة قومية موسيقية تتغلغل جذورها في الألحان الشعبية للناس والأرض، وتتغنى بتمجيد بلادها والتطلع إلى مستقبل أفضل لها.
ولقد كان بيتر إليتش تشايكوفسكي
Tchaikovsky (1840-1893م) شأنه شأن «الخمسة» وطنيا متحمسا يتغنى بحب بلاده. وعلى الرغم من أنه كان يزدري «الخمسة» لأنه كان تلميذا لروبنشتين، فقد شارك «الخمسة» تحديهم للأقطاب القدماء، ولا سيما باخ؛ فباخ قد روض انفعالاته، أما تشايكوفسكي فكان يعيش تحت رحمة هذه الانفعالات، وقد حول باخ حياته المضطربة
31
إلى موسيقى منظمة، أما تشايكوفسكي فكان يطلق العنان لمشاعره في موسيقى غنائية باكية، كما أن باخ قد تحكم في القوالب التي طوت مشاعره في داخلها وقمعتها، أما تشايكوفسكي فلم يكن دائما يرعى القوالب التقليدية عندما كانت مشاعره تبحث عن مخرج للتعبير عنها. ومما له دلالته النفسية أن أخصب فتراته الخلاقة كانت تلك التي اعتلت فيها صحته أو تمالكته فيها الكآبة والحزن. ومن المؤكد أن تشايكوفسكي ينتمي إلى الموسيقيين الرومانتيكيين المتأخرين، بفضل أسلوبه الغنائي الحزين، وإيقاعاته المندفعة، والتلوين الأوركسترالي لموسيقاه. وخلاصة نظرته الجمالية إلى الموسيقى هي أن يبث الموسيقي مشاعره، ويجعلها معبرة عن أحاسيسه إلى حد يقرب من الإغراق المفرط في الانفعال.
وقد أصبح ألكسندر سكريابين
A. Scriabin (1872-1915م) عضوا في جماعة دينية وفلسفية غامضة بدأت في روسيا بوصفها حركة تجديدية في مستهل هذا القرن. وكان مثله الجمالي الأعلى هو توحيد الفنون في إطار ديني يعبر فيه الجمال عن الحقيقة الأزلية. ولقد كشفت الموسيقى التي ألفها في الجزء الأخير من حياته، عندما كان عضوا في هذه الجماعة الغيبية، عن سعيه إلى التعبير عن أفكاره اللاهوتية الصوفية هذه.
أما سرجي رخمانينوف
Page inconnue