قال ابن المعتز في طبقات الشعراء: لما بلغ المأمون خبر هذه القصيدة غضب وقال: اطلبوه، فطلبوه، فلم يقدروا عليه لأنه كان مقيما بالجبل ففر إلى الجزيرة، ثم إلى الشامات، فظفروا به، فحمل مقيدا إلى المأمون فقال: يا ابن اللخناء، أنت القائل كل من في الأرض من عرب ... . . . . . . . . . .
جعلتنا نستعير منه المكارم؟
قال: يا أمير المؤمنين أنتم أهل بيت لا يقاس بكم.
قال: والله ما أبقيت أحدا، وإنما استحل دمك بكفرك، حيث تقول:
أنت الذي تنزل الأيام منزلها ... وتنقل الدهر من حال إلى حال
وما مددت مدى طرف إلى أحد ... إلا قضيت بأرزاق وآجال
ذاك هو والله، اخرجوا لسانه من قفاه، ففعلوا به فمات.
* * *
ورحى المنية تطحن
أبو العتاهية، رأس الشعراء، الأديب الصالح الأوحد، أبو إسحاق إسماعيل بن قاسم بن سويد بن كيسان العنزي لقب بأبي العتاهية لاضطراب فيه، وقيل: كان يحب الخلاعة فيكون مأخوذا من العتو. تنسك بأخرة، وقال في المواعظ والزهد فأجاد، وكان أبو نواس يعظمه ويتأدب معه لدينه، ويقول: ما رأيته إلا توهمت أنه سماوي، وأني أرضي (10/ 195).
وما أصدق قوله:
إن الشباب والفراغ والجدة ... مفسدة للمرء أي مفسدة
حسبك مما تبتغيه القوت ... ما أكثر القوت لم يموت
هي المقادير فلمني أو فذر ... إن كنت أخطأت فما أخطأ القدر
وهو القائل:
الناس في غفلاتهم ... ورحى المنية تطحن
وله في عمر بن العلاء:
Page 30