Les bénéfices
الفوائد
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
1393 AH
Lieu d'édition
بيروت
Genres
Soufisme
الْقلب إِلَّا بِهِ سُبْحَانَهُ وَمَا سواهُ إِن أعَان على هَذَا الْمَطْلُوب فَرح بِهِ وسر بِهِ وَإِن حجب عَنهُ فَهُوَ بالحزن بِهِ والوحشة مِنْهُ واضطراب الْقلب بحصوله أَحَق مِنْهُ بِأَن يفرح بِهِ فَلَا فرحة وَلَا سرُور إِلَّا بِهِ أَو بِمَا أوصل إِلَيْهِ وأعان على مرضاته وَقد أخبر سُبْحَانَهُ أَنه لَا يحب الفرحين بالدنيا وَزينتهَا وَأمر بالفرح بفضله وَرَحمته وَهُوَ الْإِسْلَام وَالْإِيمَان وَالْقُرْآن كَمَا فسره الصَّحَابَة والتابعون وَالْمَقْصُود أَن من اتَّصَلت لَهُ هَذِه الْأُمُور بِاللَّه سُبْحَانَهُ فقد وصل وَإِلَّا فَهُوَ مَقْطُوع عَن ربه مُتَّصِل بحظه وَنَفسه ملبس عَلَيْهِ فِي مَعْرفَته وإرادته وسلوكه
قَاعِدَة جليلة قد فكّرت فِي هَذَا الْأَمر فَإِذا أَصله أَن تعلم أَن النعم
كلهَا من الله وَحده نعم الطَّاعَات وَنعم اللَّذَّات فترغب إِلَيْهِ أَن يلهمك ويوزعك شكرها قَالَ تَعَالَى وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تجأرون ﴿وَقَالَ﴾ فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿وَقَالَ﴾ واشكروا نعْمَة اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاه تَعْبدُونَ وكما أَن تِلْكَ النعم مِنْهُ وَمن وَمُجَرَّد فَضله فَذكرهَا وشكرها لَا ينَال إِلَّا بتوفيقه والذنُوب من خذلانه وتخليه عَن عَبده وتخليته بَينه وَبَين نَفسه وَإِن لم يكْشف ذَلِك عَن عَبده فَلَا سَبِيل لَهُ إِلَى كشفه عَن نَفسه فَإِذا هُوَ مُضْطَر إِلَى التضرع والابتهال إِلَيْهِ أَن تدفع عَنهُ أَسبَابهَا حَتَّى لَا تصدر مِنْهُ وَإِذا وَقعت بِحكم الْمَقَادِير وَمُقْتَضى البشرية فَهُوَ مُضْطَر إِلَى التضرع وَالدُّعَاء أَن يدْفع عَنهُ موجباتها وعقوباتها فَلَا يَنْفَكّ عَن العَبْد عَن ضَرُورَته إِلَى هَذِه الْأُصُول الثَّلَاثَة وَلَا فلاح لَهُ إِلَّا بهَا الشُّكْر وَطلب الْعَافِيَة وَالتَّوْبَة النصوح
ثمَّ فَكرت فَإِذا مدَار ذَلِك على الرَّغْبَة والرهبة وليسا بيد العَبْد بل بيد مُقَلِّب الْقُلُوب ومصرفها كَيفَ يَشَاء فَإِن وفْق عَبده أقبل بِقَلْبِه إِلَيْهِ وملأه رَغْبَة وَرَهْبَة وَإِن خذله لَهُ تَركه وَنَفسه وَلم يَأْخُذ بِقَلْبِه إِلَيْهِ وَلم يسْأَله ذَلِك وَمَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لم يَشَاء لم يكن
1 / 204