فتوى شيخ الإسلام في حكم من بدل شرائع الإسلام
فتوى شيخ الإسلام في حكم من بدل شرائع الإسلام
في تناول نصوص السلف هذه، فجعلوا يطبقونها دون مراعاة لمناطها ولا للواقع الذي قيلت فيه هذه الفتاوى، رغم تصريح السلف أنفسهم بأن من مبادئ الأصول العامة أن الفتوى تتغير بتغير الأزمنة والأمكنة والأحوال، مثل ما قرر ذلك الإمام ابن قيم الجوزية في الجزء الثالث من كتابه (أعلام الموقعين).
ومن هنا كان تناول نصوص السلف دون النظر في مناطاتها سبباً في البلبلة والخطأ العظيم، بل وفي تعارض النتائج التي وصل إليها البعض بهذا التطبيق مع القواعد الكلية المقررة في الشريعة، بل والتي أكد عليها هؤلاء السلف أصحاب نفس هذه النصوص. وهذا من جنس القول على الله بغير علم، لأن العلم كما ذكرنا علم بالحكم الشرعي وعلم بالواقع المراد تطبيق الحكم عليه.
وإننا لنظلم السلف ظلماً بيناً ونتهم عقولنا إن اعتقدنا أن النصوص التي وردت لنا عنهم تصلح للتطبيق في كل مناط وعلى كل واقع دون تمييز أو مراجعة. فإن واقع السلف هو الذي أخرج لهم هذه الفتاوى. ولو عاشوا في واقعنا لتغيرت فتاواهم لتناسب هذا الواقع الجديد. صحيح أنه إذا اتحد المناط الحالي مع المناط الذي صدرت عنه فتوى السلف وجب وتعين العمل بفتواهم في نفس الأمر، وذلك لسعة علمهم وفضلهم وتقواهم وقرب عهدهم من عهد الرسالة، رضي الله عنهم أجمعين. ولكن إن اختلف المناطان وتغير الواقع فكيف يمكن تطبيق نصوصهم في هذه الحالة. لذلك وجب تصحيح منهج النظر الأصلي إلى النصوص وتعين الرجوع إلى القواعد الكلية التي استخدمها السلف في إخراج هذه النصوص لتحكيمها مرة أخرى في الوقائع المتجددة المتغيرة.
وفي هذه الرسالة الجليلة (رسالة الجهاد) لشيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية الحراني (م. ٧٢٨ هـ) وهو غني عن التعريف به، كشف شبهات كثيرة طرأت على المسلمين في عصره، وهو العصر الذي صاحب سقوط الخلافة العباسية، ونكبة
kutub-pdf.net
5