فتوى شيخ الإسلام في حكم من بدل شرائع الإسلام
فتوى شيخ الإسلام في حكم من بدل شرائع الإسلام
( فصل ) في معرفة أحوال هؤلاء القوم
حتى نعرف حكم الله ورسوله في أمثالهم
وأما الأصل الآخر (١) وهو معرفة أحوالهم ، فقد علم أن هؤلاء القوم جاروا على الشام فى المرة الأولى عام تسعة وتسعين وأعطوا الناس الأمان وقرؤوه على المنبر بدمشق ، ومع هذا فقد سبوا من ذرارى المسلمين ما يقال إنه مائة ألف أو يزيد عليه ، وفعلوا ببيت المقدس وجبل الصالحية ونابلس وحمص وداريا وغير ذلك من القتل والسبى ما لا يعلمه إلا الله ، حتى يقال إنهم سبوا من المسلمين قريباً من مائة ألف، وجعلوا يفجرون بخيار نساء المسلمين فى المساجد وغيرها كالمسجد الأقصى والأموى وغيره ، وجعلوا الجامع الذى بالعقيبة دكاً .
وقد شاهدنا عسكر القوم فرأينا جمهورهم لا يصلون ، ولم نر فى عسكرهم مؤذناً ولا إماماً ، وقد أخذوا من أموال المسلمين وذراريهم وخربوا من ديارهم ما لا يعلمه إلا الله ، ولم يكن معهم فى دولتهم إلا من كان من شر الخلق : إما زنديق منافق لا يعتقد دين الإسلام فى الباطن ، وإما من هو من شر أهل البدع كالرافضة والجهمية والاتحادية ونحوهم ، وإما من هو من أفجر الناس وأفسقهم . وهم فى بلادهم مع تمكنهم لا يحجون البيت العتيق . وإن كان فيهم من يصلى ويصوم فليس الغالب عليهم إقام الصلاة ولا إيتاء الزكاة .
وهم يقاتلون على ملك جنكزخان ، فمن دخل فى طاعتهم جعلوه ولياً لهم وإن كان كافراً ، ومن خرج عن ذلك جعلوه عدواً لهم وإن كان من خيار المسلمين ، ولا يقاتلون على الإسلام . ولا يضعون الجزية والصغار ، بل غاية كثير من المسلمين منهم من أكابر أمرائهم ووزرائهم أن يكون المسلم عندهم كمن يعظمونه من المشركين من اليهود والنصارى .
(١) يعرض ابن تيمية هنا الأصل الثانى الذى اعتمد عليه فى إصدار حكمه على هؤلاء القوم وهو معرفة أحوالهم . وأما الأصل الأول وهو معرفة حكم الله ورسوله فقد عرضه سابقاً، أنظر صفحة ١٤ .
21