وكان متواضعا، فإذا رأيته لا تميز بينه وبين تلامذته، ويركب على الفرس بلا سرج قائما بمصالح أهله. يحضر لحفر الآبار، ويتبع البقر إذا سرح، ولا يقوم بأرض جدبة خوفا من حقّ البهائم.
وكان كثيرا فيه لا أدري، وكان حسن الخلق كثير التبسم قليل القهقهة، ولا يزجر التلاميذ على أمر غير حرام، بل يصبر عليهم، ويتغافل عن أولاده فلا يأمرهم بالقراءة. وكان زاهدا في الدنيا، فإذا كان عنده بقرات قلائل يرد زكاة الفطر ولا يقبلها، وإذا قبلتها امرأة له يطلقها.
وصام سنة مجاهدا للنفس لما طلق امرأة يحبها. وكان التلاميذ عنده سواء من يعطيه منهم ومن لا يعطيه، بل جميع الناس عنده سواء، ولا يبالي بالظلمة ولا يقوم لأحد منهم. وإذا صافحه يمدّ له رؤوس أصابعه زاهدا فيه. ووصله مرة بعض أمراء المغافرة وأعطاه شيئا من العين وأرسلها مع تلميذ له للغرب لشراء الكتب، وندم بعد ذلك على تلك الغيبة.
أخذ القراءات السبع عن سيدي محمد بن عبد الله بن بابا التنواجيوي ابن سيد القراء في بلدنا سيدي عبد الله بن أبي بكر التنواجيوي، والفقه عن الشيخ سيد المختار بن الطالب، عن ابن الشواف الجكاني صاحب الحذف، والفقيه أحمد بن سالم المسومي (^٥١). ألف رحمه الله تعالى معينا مشهورا مفيدا على مختصر خليل، وله معين على أم البراهين، ومعين على ألفية ابن مالك.
توفي رحمه الله تعالى آخر جمادي الآخرة أو أول رجب عام عشرة بعد مائتين وألف.
٤٢ - [أحمد بن العاقل الديماني]
أحمد بن الفقيه العاقل الديماني رحمهما الله تعالى.
_________
(^٥١) في ج: المسوسي.
1 / 61