La Conquête du Puissant
فتح القدير
Maison d'édition
دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٤ هـ
Lieu d'édition
بيروت
وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ وَابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رِجَالًا تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ، كُلَّمَا قُرِضَتْ رَجَعَتْ، فَقُلْتُ لِجِبْرِيلَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟
قَالَ: هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ مِنْ أُمَّتِكَ كَانُوا يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا يَعْقِلُونَ» .
وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ بِهِ أَقْتَابُهُ فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيُطِيفُ بِهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ:
يَا فُلَانُ مَا لَكَ مَا أَصَابَكَ؟ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ: كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ» وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ منها عن جابر مرفوعا عن الْخَطِيبِ وَابْنِ النَّجَّارِ، وَعَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ مَرْفُوعًا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَالْخَطِيبِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَعِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الزُّهْدِ عَنْهُ مَوْقُوفًا، وَمَعْنَاهَا جَمِيعًا: أَنَّهُ يَطْلُعُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ النار فيقولون لهم: بم دَخَلْتُمُ النَّارَ وَإِنَّمَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ بِتَعْلِيمِكُمْ؟ قَالُوا: إِنَّا كُنَّا نَأْمُرُكُمْ وَلَا نَفْعَلُ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْخَطِيبُ فِي الِاقْتِضَاءِ، وَالْأَصْبِهَانِيُّ فِي التَّرْغِيبِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَثَلُ الْعَالِمِ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ وَلَا يَعْمَلُ بِهِ كَمَثَلِ السِّرَاجِ يُضِيءُ لِلنَّاسِ وَيُحْرِقُ نَفْسَهُ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الزُّهْدِ عَنْهُ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْخَطِيبُ فِي الِاقْتِضَاءِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ قَانِعٍ فِي مُعْجَمِهِ، وَالْخَطِيبُ فِي الِاقْتِضَاءِ، عَنْ سُلَيْكٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: «وَيْلٌ لِلَّذِي لَا يَعْلَمُ مَرَّةً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَعَلَّمَهُ، وَوَيْلٌ لِلَّذِي يَعْلَمُ وَلَا يَعْمَلُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» . وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ، وَمَا أَحْسَنَ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، قال: أو بلغت ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرْجُو، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَخْشَ أَنْ تَفْتَضِحَ بِثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَافْعَلْ، قَالَ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: قَوْلُهُ ﷿: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ «١» أَحْكَمْتَ هَذِهِ الْآيَةَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَالْحَرْفُ الثَّانِي، قَالَ: قَوْلُهُ تَعَالَى لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ- كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ «٢» أَحْكَمْتَ هَذِهِ الْآيَةَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَالْحَرْفُ الثالث، قال: قول العبد الصالح شعيب: ما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى مَا أَنْهاكُمْ عَنْهُ «٣» أَحْكَمْتَ هَذِهِ الْآيَةَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ:
فَابْدَأْ بِنَفْسِكَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ قَالَ: إِنَّهُمَا مَعُونَتَانِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَعِينُوا بِهِمَا. وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الصَّبْرِ، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الثَّوَابِ، وَالدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الصَّبْرُ ثَلَاثَةٌ: فَصَبْرٌ عَلَى الْمُصِيبَةِ، وَصَبْرٌ عَلَى الطَّاعَةِ، وَصَبْرٌ عَنِ الْمَعْصِيَةِ» . وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي مَدْحِ الصَّبْرِ وَالتَّرْغِيبِ فِيهِ وَالْجَزَاءِ لِلصَّابِرِينَ، وَلَمْ نَذْكُرْهَا هُنَا، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِخَاصَّةٍ بِهَذِهِ الْآيَةِ، بَلْ هِيَ وَارِدَةٌ فِي مُطْلَقِ الصَّبْرِ. وَقَدْ ذَكَرَ السُّيُوطِيُّ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ هَاهُنَا مِنْهَا شَطْرًا صَالِحًا، وَفِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَى ذَلِكَ وَالتَّرْغِيبِ فِيهِ الْكَثِيرُ الطَّيِّبُ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلَاةِ. وأخرج
(١) . البقرة: ٤٤. (٢) . الصف: ٢- ٣. (٣) . هود: ٨٨.
1 / 95