La Conquête du Puissant

Al-Shawkani d. 1250 AH
13

La Conquête du Puissant

فتح القدير

Maison d'édition

دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٤ هـ

Lieu d'édition

بيروت

سورة الفاتحة مَعْنَى الْفَاتِحَةِ فِي الْأَصْلِ أَوَّلُ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُفْتَتَحَ بِهِ، ثُمَّ أُطْلِقَتْ عَلَى أَوَّلِ كُلِّ شَيْءٍ كَالْكَلَامِ، وَالتَّاءُ لِلنَّقْلِ مِنَ الْوَصْفِيَّةِ إِلَى الِاسْمِيَّةِ، فَسُمِّيَتْ هَذِهِ السُّورَةُ «فَاتِحَةَ الْكِتَابِ» لِكَوْنِهِ افْتُتِحَ بِهَا، إِذْ هِيَ أَوَّلُ مَا يَكْتُبُهُ الْكَاتِبُ مِنَ الْمُصْحَفِ، وَأَوَّلُ مَا يَتْلُوهُ التَّالِي مِنَ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ. وَقَدِ اشْتَهَرَتْ هَذِهِ السُّورَةُ الشَّرِيفَةُ بِهَذَا الِاسْمِ فِي أَيَّامِ النُّبُوَّةِ. قِيلَ: هِيَ مَكِّيَّةٌ، وَقِيلَ: مَدَنِيَّةٌ. وَقَدْ أَخْرَجَ الْوَاحِدِيُّ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ، وَالثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ قَالَ: نَزَلَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ بِمَكَّةَ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ كِلَاهُمَا فِي دَلَائِلَ النبوّة، والثعلبيّ والواحديّ من حديث عمرو بْنِ شُرَحْبِيلَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا شَكَا إِلَى خَدِيجَةَ مَا يَجِدُهُ عِنْدَ أَوَائِلِ الْوَحْيِ، فَذَهَبَتْ بِهِ إِلَى وَرَقَةَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ: «إِذَا خَلَوْتُ وَحْدِي سَمِعْتُ نِدَاءً خَلْفِي: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ! فَأَنْطَلِقُ هَارِبًا فِي الْأَرْضِ، فَقَالَ: لَا تَفْعَلْ، إِذَا أَتَاكَ فَاثْبُتْ حَتَّى تَسْمَعَ مَا يَقُولُ ثُمَّ ائْتِنِي فَأَخْبِرْنِي فَلَمَّا خَلَا نَادَاهُ يَا مُحَمَّدُ قُلْ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، حَتَّى بَلَغَ وَلَا الضَّالِّينَ» الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سلمة قال: لما أسلم فِتْيَانُ بَنِي سَلِمَةَ وَأَسْلَمَ وَلَدُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ قَالَتِ امْرَأَةُ عَمْرٍو لَهُ: هَلْ لَكَ أن تسمع من ابنك مَا رُوِيَ عَنْهُ؟ فَسَأَلَهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ. وَأَخْرَجَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي الْمَصَاحِفِ عَنْ عُبَادَةَ قَالَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ. فَهَذَا جُمْلَةُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّهَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ. وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ إِنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ فِي مُعْجَمِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدِ عن أَبِي هُرَيْرَةَ: رَنَّ «١» إِبْلِيسُ حِينَ أُنْزِلَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ. وَأُنْزِلَتْ بِالْمَدِينَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طُرُقٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: نَزَلَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ بِالْمَدِينَةِ، وَقِيلَ إِنَّهَا نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِمَكَّةَ وَمَرَّةً بِالْمَدِينَةِ جَمْعًا بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ. وَتُسَمَّى «أُمَّ الْكِتَابِ» قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي أَوَّلِ التَّفْسِيرِ: وَسُمِّيَتْ أُمَّ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ يُبْدَأُ بِكِتَابَتِهَا فِي الْمَصَاحِفِ، وَيُبْدَأُ بِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ عَنِ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ أُمُّ الْكِتَابِ وَيَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ «٢» وَلَكِنْ يَقُولُ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ. وَيُقَالُ لَهَا الْفَاتِحَةُ لِأَنَّهَا يُفْتَتَحُ بِهَا الْقِرَاءَةُ، وَافْتَتَحَتِ الصَّحَابَةُ بِهَا كِتَابَةَ الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ في تفسيره:

(١) . رنّ: صاح. (٢) . الرعد: ٣٩.

1 / 17