La Conquête du Puissant

Al-Shawkani d. 1250 AH
103

La Conquête du Puissant

فتح القدير

Maison d'édition

دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٤ هـ

Lieu d'édition

بيروت

حِطَّةٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الرِّجْزِ يَعْنِي بِهِ الْعَذَابَ. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ وَخُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالُوا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنّ هَذَا الطَّاعُونَ رِجْزٌ وَبَقِيَّةُ عَذَابٍ عُذِّبَ بِهِ أُنَاسٌ مِنْ قَبْلِكُمْ، فَإِذَا كَانَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا، وَإِذَا بَلَغَكُمْ أَنَّهُ بأرض فلا تدخلوها» . [سورة البقرة (٢): الآيات ٦٠ الى ٦١] وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٦٠) وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٦١) الِاسْتِسْقَاءُ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَحَبْسِ الْمَطَرِ. وَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: طَلَبُ السُّقْيَا. وَفِي الشَّرْعِ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي صِفَتِهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ. وَالْحَجَرُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَجَرًا مُعَيَّنًا فَتَكُونُ اللَّامُ لِلْعَهْدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ مُعَيَّنًا فَتَكُونُ لِلْجِنْسِ، وَهُوَ أَظْهَرُ فِي الْمُعْجِزَةِ وَأَقْوَى لِلْحُجَّةِ. وَقَوْلُهُ: فَانْفَجَرَتْ الْفَاءُ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ فَضَرَبَ فَانْفَجَرَتْ، وَالِانْفِجَارُ: الِانْشِقَاقُ، وَانْفَجَرَ الْمَاءُ انْفِجَارًا: تَفتَّحَ، وَالْفُجْرَةُ: مَوْضِعُ تَفَتُّحِ الْمَاءِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ كَانَ حَجَرًا مُرَبَّعًا يَخْرُجُ مِنْ كُلِّ جِهَةِ ثَلَاثُ عُيُونٍ إِذَا ضَرَبَهُ مُوسَى سَالَتِ الْعُيُونُ، وَإِذَا اسْتَغْنَوْا عَنِ الْمَاءِ جَفَّتْ. وَالْمَشْرَبُ: مَوْضِعُ الشُّرْبِ وَقِيلَ هُوَ الْمَشْرُوبُ نَفْسُهُ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَشْرَبُ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ قَوْمٌ مِنْهُمْ لَا يُشَارِكُهُمْ غَيْرُهُمْ. قِيلَ كَانَ لِكُلِّ سِبْطٍ عَيْنٌ مِنْ تِلْكَ الْعُيُونِ لَا يَتَعَدَّاهَا إِلَى غَيْرِهَا، وَالْأَسْبَاطُ ذُرِّيَّةُ الِاثْنَيْ عَشَرَ مِنْ أَوْلَادِ يَعْقُوبَ. وَقَوْلُهُ: كُلُوا أَيْ قُلْنَا لَهُمْ: كُلُوا الْمَنَّ وَالسَّلْوَى وَاشْرَبُوا الْمَاءَ المتفجر من الحجر. وعثا يعثي عثيا، وعثي يَعْثُو عَثْوًا، وَعَاثَ يَعِيثُ عَيْثًا، لُغَاتٌ: بِمَعْنَى أَفْسَدَ. وَقَوْلُهُ: مُفْسِدِينَ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ. قَالَ فِي القاموس: عثى كرمى، وسعى ورضي، عثيّا وعثيّا وَعَثَيَانًا، وَعَثَا يَعْثُو عَثْوًا: أَفْسَدَ. وَقَالَ فِي الْكَشَّافِ: الْعَثْيُ أَشَدُّ الْفَسَادِ. فَقِيلَ لَهُمْ: لَا تَمَادُوا فِي الْفَسَادِ فِي حَالِ فَسَادِكُمْ، لِأَنَّهُمْ كانوا متمادين فيه. انتهى. وقوله: لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ تَضَجُّرٌ مِنْهُمْ بِمَا صَارُوا فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ وَالرِّزْقِ الطَّيِّبِ وَالْعَيْشِ الْمُسْتَلَذِّ، وَنُزُوعٌ إِلَى مَا أَلِفُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ خُشُونَةِ الْعَيْشِ: إِنَّ الشَّقِيَّ بِالشَّقَاءِ مُولَعٌ ... لَا يَمْلِكُ الرَّدَّ لَهُ إِذَا أَتَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا مِنْهُمْ تَشَوُّقًا إِلَى مَا كَانُوا فِيهِ، وَنَظَرًا لِمَا صَارُوا إِلَيْهِ مِنَ الْعِيشَةِ الرَّافِهَةِ، بَلْ هُوَ بَابٌ مِنْ تَعَنُّتِهِمْ، وَشُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِ تَعَجْرُفِهِمْ كَمَا هُوَ دَأْبُهُمْ، وَهِجِّيرَاهُمْ «١» فِي غَالِبِ مَا قُصَّ علينا من أخبارهم

(١) . الهجّيرى: الدأب والعادة، يقال: هذا هجّيراه: أي: دأبه وعادته.

1 / 107