140

La Conquête Majeure

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد

Chercheur

محمد حامد الفقي

Maison d'édition

مطبعة السنة المحمدية،القاهرة

Numéro d'édition

السابعة

Année de publication

١٣٧٧هـ/١٩٥٧م

Lieu d'édition

مصر

قوله: "وقول الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي ١ وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ﴾ الآية".
قال ابن كثير: "يأمره الله تعالى أن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله وبذبحون له: بأنه أخلص لله صلاته وذبيحته؛ لأن المشركين يعبدون الأصنام ويذبحون لها، فأمره الله تعالى بمخالفتهم والانحراف عما هم فيه والإقبال بالقصد والنية والعزم على الإخلاص لله تعالى. قال مجاهد: النسك الذبح في الحج والعمرة".
وقال الثوري عن السدي عن سعيد بن جبير: ونسكي ذبحي. وكذا قال الضحاك. وقال غيره: ﴿وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي﴾ أي وما آتيه في حياتي، وما أموت عليه من الإيمان والعمل الصالح ﴿لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ٣ خالصا لوجهه ﴿لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ﴾ الإخلاص ﴿أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ أي من هذه الأمة لأن إسلام كل نبي متقدم.
قال ابن كثير: وهو كما قال: فإن جميع الأنبياء قبله كانت دعوتهم إلى الإسلام، وهو عبادة الله وحده لا شريك له. كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ ٤ وذكر آيات في هذا المعنى.
ووجه مطابقة الآية للترجمة: أن الله تعالى تعبد عباده بأن يتقربوا إليه بالنسك، كما تعبدهم بالصلاة وغيرها من أنواع العبادات؛ فإن الله تعالى أمرهم أن يخلصوا جميع أنواع

١ في قرة العيون: يشمل الفرائض والنوافل، والصلوات كلها عبادة، وقد اشتملت على نوعي الدعاء: دعاء المسألة ودعاء العبادة، فما كان فيها من السؤال والطلب فهو دعاء مسألة، وما كان فيها من الحمد والثناء والتسبيح والركوع والسجود وغير ذلك من الأركان والواجبات فهو دعاء عبادة، وهذا هو التحقيق في تسميتها صلاة؛ لأنها اشتملت على نوعي الدعاء الذي هو صلاة لغة وشرعا "*" قرره شيخ الإسلام وابن القيم - رحمهما الله تعالى -. (*) وهي مأخوذة من "الصلة"؛ لأنها الصلة والمنحة التي وصل الله بها حبيبه محمد ﷺ ومنحه إياها في ليلة الوصل الأعظم: ليلة المعراج. وهي أقوى صلة بين العبد وبين ربه؛ لأنه فيها يناجي ربه كما في الأحاديث، ومن ثم كانت قرة عين رسول الله – ﷺ وكانت مفزعه عند كل أمر يهمه. وكانت الفارق بين المسلم والكافر. فمن تركها فلا حظ له في الإيمان بالله وحبه، ولا صلة بينه وبين ربه مهما حاول.
٣ سورة الأنعام آية: ١٦٢.
٤ سورة الأنبياء آية: ٢٥.

1 / 143