ـ[فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار]ـ
المؤلف: الحسن بن أحمد بن يوسف بن محمد بن أحمد الرُّباعي الصنعاني (المتوفى: ١٢٧٦هـ)
المحقق: مجموعة بإشراف الشيخ علي العمران
الناشر: دار عالم الفوائد
الطبعة: الأولى، ١٤٢٧ هـ
عدد الأجزاء: ٤ (في ترقيم مسلسل واحد)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو مذيل بالحواشي]
Page inconnue
شارك في العمل على الكتاب
١- في التصحيح والمقابلة
* عبد الرحمن بن سالم الأهدل
* محمد بن قائد الصغير
* نايف بن محمد القطاع
٢- في العزو والتخريج
* رمزي بن إسماعيل صلاح
* عبد الحكيم بن قاسم الصعفاني
* عمر بن عبد العزيز الوشلي
إشراف
علي بن محمد العمران
المقدمة / 3
مقدمة الناشر
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيسر دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع أن تقدم للعلماء وطلاب العلم هذا الكتاب الجليل، وهو "فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار" الذي جمع بين دفتيه أغلب الأحاديث التي عليها مدار الأحكام، إذ هو من أوسع الكتب المصنفة في ذلك.
وقد قام مشكورا فضيلة الشيخ علي بن محمد العمران بالإشراف على هذا العمل، ووَضْع خطة تحقيقه، والتقديم له، ثم أوكلنا العمل على الكتاب إلى مجموعة من طلاب العلم.
ونحن نسجل الشكر لكل من أسهم في إخراج الكتاب ممن قام بالمراجعة والمقابلة. ونشكر الشيخ أحمد حسان على جهوده في إخراج الكتاب، وكذا الأخ الدكتور عبد الله الجودي باقتراحه طباعة الكتاب. سائلين الله تعالى أن ينفع به، وأن يوفقنا جميعا للعلم النافع والعمل الصالح.
طلال بن محمد بن ملوح
مدير دار عالم الفوائد
المقدمة / 5
تقديم
بقلم علي بن محمد العمران
الحمد لله، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فهذا كتاب "فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار" ﷺ، يخرج اليوم في حُلة قشيبة، تليق بمكانته ليأخذ مكانه بين كتب السنة المطهرة، ومصنفات أحاديث الأحكام.
ولا شك أن معرفة أحاديث الأحكام من أهم العلوم التي ينبغي تحقيقها، ومعرفة متونها وأسانيدها، إذ عليها مدار الحلال والحرام، وتفصيل ما أُجمل في القرآن، قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) [النحل/٤٤] .
فلذلك كثر التأليف في هذا الباب من العلم، إذ بلغت عدد المصنفات في أحاديث الأحكام أكثر من سبعين كتابا.
وكتابنا هذا من أهم الكتب الجامعة لأحاديث الأحكام، وتكمن أهميته في أنه واحد من أوسع الكتب المصنفة إذ بلغ عدد أحاديثه (٦٥٢٩) دون الزيادات واختلاف الألفاظ في الأحاديث. ومن مميزاته الكلام على الأحاديث صِحةَ وضعفا باختصار، وشرح الغريب.
وقد قدمنا بين يدي الكتاب ترجمة للمؤلف، ومنهج الكتاب، وطريقة العمل في العناية به وإخراجه، والحمد لله حق حمده.
المقدمة / 7
ترجمة المؤلف
هو: الحسن بن أحمد بن يوسف بن محمد بن أحمد الرُّباعي.
والرُّباعِيُّ -بضم الراء المشددة وبعدها موحدة خفيفة-: نسبة إلى جده الأعلى القاضي عبد الله بن محمد بن جابر العَوْدَري السكْسَكِي (ت ٧١١)، وكان من أعيان القرن السابع الهجري، وعُرِف بالرُّباعي لأن له أربع أصابع (١) .
وعائلته المترْجَم معروفة بالفضل والعلم، فكما أسلفنا عن جده القاضي عبد الله كان أولاده من بعده، فقد سكنوا مدينة جِبْلَة (٢) وعكفوا على الدراسة وإحياء العلم، وقد تولى بعضهم القضاء، ثم انتقل جدُّ المؤلف القاضي يوسف بن محمد بن أحمد إلى صنعاء وسكن بها، وبقيت العائلة بصنعاء إلى عصرنا، ومن المعاصرين السفير محمد بن عبد الرحمن الرُّباعي وغيره.
ولد المؤلف تقريبًا على رأس القرن الثاني عشر (نحو ١٢٠٠) بمدينة صنعاء.
وتلقَّى العلم أوَّلًا على والده العلامة أحمد بن يوسف الرُّباعي (٣) (ت ١٢٣١) وقد كان مبرزًا في علوم العربية والفقه والحديث، وله في الحديث رواية واسعة، وقد أخذ المؤلف عن والده الإجازة بأغلب كتب
_________
(١) ذكره تلميذه الجَنَدي في "السلوك": ٢/٨٤-٨٥.
(٢) جِبْلَة -بكسر فسكون ففتح- مدينة مشهورة تقع إلى الجنوب الغربي من مدينة إب، تبعد عنها بضعة كيلومترات، معروفة بخصوبة أراضيها واعتدال هوائها. انظر: "معجم البلدان والقبائل اليمنية": ١/٢٨٥، و"الموسوعة اليمنية": ٢/٥٨٣.
(٣) ترجمته في "البدر الطالع": ١/١٣٣، و"التقصار": ٣٦٠-٣٦١، و"نيل الوطر": ١/٢٤٨-٢٤٩.
المقدمة / 9
الحديث وغيرها من كتب العلم، وقد ذكر أسانيده في (ملحق فتح الغفار) -وهو ملحق بآخر الكتاب-. ووالده من تلاميذ الشوكاني، وقد وصفه الشوكاني بـ: قوة الفهم والعرفان التام والإنصاف وعدم الجمود على التقليد.
ثم قرأ على جماعةٍ من شيوخ العصر، كالعلامة محمد بن علي الشوكاني (ت ١٢٥٢) وقد اختص به ولازمه، فقرأ عليه في علم المعاني والبيان، وفي علم التفسير سمع عليه (تفسير الزمخشري)، وفي "الصحيحين" والسنن، وفي مؤلفاته خاصة (شرح المنتقى) و(الدرر) . وقد لازمه مع أبيه واستمر كذلك بعد وفاته، وحصل (نيل الأوطار) بخطه.
وأخذ أيضًا عن السيد العلامة الحسن بن يحيى الكبسي (١) (ت ١٢٣٨) وقد سمع عليه الكتب الستة، والقاضي العلامة يحيى بن علي الشوكاني (٢) (ت ١٢٦٧)، والقاضي العلامة محمد بن أحمد السودي الصنعاني (٣) (ت ١٢٣٦)، والعلامة عبد الله بن محمد الأمير الصنعاني (٤) (ت ١٢٤٢)، والقاضي حسين بن محمد العنسي (٥) (ت ١٢٣٥)، والعلامة إبراهيم بن عبد القادر الكوكباني (٦) (ت ١٢٢٣)، وغيرهم من مشايخ العلم بصنعاء.
قال عنه شيخه الشوكاني: واستفاد في جميع العلوم الآلية، وفي علم السنة المطهرة، وله فهم صادق، وإدراك قوي، وتصور صحيح، وإنصاف وعمل بما تقتضيه الأدلة. وهو الآن من أعيان أهل العرفان ومحاسن حَمَلَة العلم بمدينة صنعاء. اهـ.
_________
(١) ترجمته في البدر الطالع: ١/٢١١-٢١٣.
(٢) البدر الطالع: ٢/٣٣٨-٣٣٩. وهو أخو الإمام الشوكاني.
(٣) البدر الطالع: ٢/١٠٣-١٠٥.
(٤) البدر الطالع: ٢/٣٩٦-٣٩٧.
(٥) البدر الطالع: ١/٢٢٨-٢٢٩.
(٦) البدر الطالع: ١/١٧-١٨.
المقدمة / 10
وقال أيضًا عند ذكر أبيه: وولده حسن بن أحمد من أذكياء الطلبة، وله سماع علي في المؤلفَيْن المذكورَيْن -شرح المنتقى والدرر- فهو مع حداثة سنه يسابق في فهمه. اهـ.
وقال عصْرِيُّه الشجني: القاضي العلامة المدقق، والنبيل الفهامة المحقق.
وقال محمد زبارة: صار من أكابر أعيان علماء عصره.
ويظهر لنا جليًّا من ترجمة المؤلف ﵀ وتعليقاته على الأحاديث وعلى حواشي النسخة نزوعه إلى الاجتهاد، وترك التقليد والجمود، واهتمامه بعلم السنة والحديث رواية ودراية.
كما يظهر -أيضًا- من الملحق في آخر (فتح الغفار) الذي كتبه المؤلف في بيان إجازاته من مشايخه، وأسانيده إلى كتب السنة، أو مصنفات الأئمة = مدى عنايته بمصنفات المحققين من العلماء والأئمة المشهود لهم بالتقدم في اتباع الدليل وصفاء المشرب، كمؤلفات المجد ابن تيمية صاحب (المنتقى)، وحفيده شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه العلامة ابن القيم، والإمام ابن الوزير اليماني، والحافظ ابن حجر العسقلاني، وتلميذه الحافظ السخاوي، وغيرهم.
* مؤلفاته:
أما مؤلفاته فلم نعرف منها إلاَّ عدة كتب:
- هذا الكتاب (فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار ﷺ) . مكث في تأليفه أكثر من ثماني سنوات، بدأ به عام ١٢٣٢ وانتهى عام ١٢٤٠.
- ورساله في مسألة هل الحديث يفيد العلم أو الظن؟ منها نسخة في الجامع الكبير بالمكتبة الغربية (٩٥ مجاميع) كتبت سنة ١٣٣٧.
- رسالة في حكم إسبال الإزار دون الكعبين، ذكرها المؤلف في تعليق
المقدمة / 11
له على حاشية النسخة انظر ١/٢٥٩. وخلص فيها إلى القول بتحريمه.
- رسالة في صلاة التسبيح، ذكرها المؤلف في تعليقٍ له على حاشية النسخة انظر ١/٤٨٥. وتكلم فيها على كل حديث بما في إسناده، وخلص إلى أن كل أسانيده معلولة.
* وفاته:
توفي -رحمه الله تعالى- عام ١٢٧٦ عن نحو ستٍ وسبعين سنة في مدينة صنعاء.
* مصادر الترجمة:
- خاتمة فتح الغفار: ٤/٢٢١٣-٢٢٣٧ للمؤلف.
- البدر الطالع: ١/١٣٣، ١٩٤-١٩٥ للشوكاني.
- التقصار في جيد زمان علامة الأقاليم والأمصار: ٣٦٤-٣٦٥ للشجني الذماري.
- نيل الوطر: ١/٣١٨-٣١٩ لزبارة.
- معجم البلدان والقبائل اليمنية: ١/٦٦٩ للمقحفي.
- مصادر الفكر الإسلامي في اليمن: ٧٩-٨٠ للحبشي.
- مقدمة مطبوعة فتح الغفار: ١/أ-ب.
***
المقدمة / 12
التعريف بالكتاب، ومنهج العمل في الاعتناء به
* اسم الكتاب
الكتاب سماه مؤلفه على غلاف نسخته التي بخطه، وفي مقدمته بـ: (فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار ﷺ) هذا هو الاسم الصحيح للكتاب. ويؤكده أن معاصر المؤلف الشجني في كتابه "التقصار: ٣٦٥" ترجم للمؤلف وذكر كتابه هذا بعنوان: (فتح الغفار لجمع أحكام سنة المختار) فعلق على حاشية النسخة بتصحيح الاسم إلى (فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار) وخُتِمَ التعليق بـ: (تمت بقلم مؤلفه) . فهل المقصود مؤلف (التقصار) أو مؤلف (فتح الغفار)؟ أي الاحتمالين كان فهو تصحيح مُعْتَمد للاسم، وإن كنت أُرَجح الثاني لأن الرُّباعي له عدد من التعليقات على حاشية نسخة (التقصار) أثبتها المحقق في الهوامش، ولأنها لو كانت لمؤلف (التقصار) لأثبت التصحيح في متن الكتاب وليس في هامشه.
وعليه؛ فتسمية الكتاب في طبعته الأولى بـ (فتح الغفار المشتمل على أحكام سنة نبينا المختار ﷺ) تصرف غير محمود من الناشر!
ووقع في (نيل الوطر) لزبارة: (..لجمع أحكام..) وهو تصرف في الاسم.
* تاريخ تأليفه
انتهى المؤلف من كتابة مسودة الكتاب في ثاني عشر رمضان سنة أربعين ومئتين وألف، ثم شرع في تبييضه ونقله من المسودة، وانتهى من ذلك في يوم الثلاثاء ثاني عشر شهر ذي الحجة الحرام سنة إحدى وأربعين ومئتين وألف -كما في خاتمة النسخة التي بخطه-. ثم عاد عليه بالتصحيح والقراءة ومراجعة أصوله بحضور بعض الطلبة في صبح يوم الخميس عشرين من شهر
المقدمة / 13
ذي الحجة من العام نفسه.
وهذا الكتاب استغرق مؤلفه في جمعه وتأليفه ثماني سنوات وسبعة أشهر وعدة أيام، قال في "مقدمة الكتاب: ١/٨": (وكان الشروع في تأليفه غرة شهر المحرم سنة اثنين وثلاثين ومئتين وألف بمدينة صنعاء المحمية بالله تعالى، ومَنَّ الله -وله الحمد- بالفراغ من تأليفه في ثاني عشر رمضان سنة أربعين ومئتين وألف) . وقد كان عمره حين شرع في تأليفه نحو اثنين وثلاثين عاما، وانتهى منه وعمره في الأربعين.
* التعريف بالكتاب وأهم مميزاته
• قال المؤلف في المقدمة شارحًا طبيعة كتابه:
(هذا مختصر جامع لما تفرق في الدفاتر والأسفار من أحاديث الأحكام المسندة عن نبينا المختار، لم يَصْنع مثله من سبق من المؤلفين، ولا نسج على منواله أحد من متقدمي المصنفين، جمعتُ فيه أدلة الأحكام، وعكفتُ على تحريره وتهذيبه مدةً من الشهور والأعوام، رجاء أن أكون ممن شمله قول الشارع: "ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فربَّ مبلغٍ أوعى من سامع" وقوله: "نضر الله امرءًا سمع منا حديثًا فيبلغه غيره، فرب حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه، وربّ حامل فقه ليس بفقيه"، وأن أكون ممن شمله حديث أبي هريرة مرفوعًا عند مسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" وأن أكون ممن فاز بنيل نصيب من ميراث خاتم النبيين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطاهرين) .
• ثم قال في بيان هدفه من تأليفه كتابه:
(وكنت قد سمعت من مشايخي الأعلام طرفًا من السنة صالحًا، وأشرفت في الفروع على أشياء بَعُدت منها بعدًا واضحًا، ورأيت ما وقع من الخلاف بين الأئمة الأعلام، وأخذ كل طائفةٍ بجانب من سنة خير الأنام،
المقدمة / 14
وقد أرشدنا الشارع أن نرجع إليه عند الاختلاف، وإلى رسوله ﷺ متجنبين سلوك طريق الاعتساف، قاصدين الاجتماع والاتفاق والائتلاف، فجمعت أحاديث الأحكام القاطعة للخلاف..) .
• وقد أوضح المصنف السببَ الداعي إلى تأليف الكتاب بقوله:
(ومما دعاني إلى تأليفه، واقتحام المشاق إلى تصنيفه أمران:
أحدهما: أني لما رحلت عن هذه الديار، وجُبْتُ الفيافي والقفار، وأقصت ببلاد لا يوجد فيها مختصرات المؤلفات فضلا عن مطولات المصنفات، وكنت كثيرا ما أحتاج في غالب الحالات إلى البحث عن حال شيء من الأحاديث، فلم أظفر بالمقصود، وكان استصحاب شيء من الكتب يحتاج إلى مشقة زائدة على المجهود = عزمتُ على صنع هذا المختصر الصغير الحجم، الكبير المقدار، أجعله نديمي في الحضر، ورفيقي في الأسفار، فياله من نديم تشتاق إليه نفوس العارفين، ورفيق لا يُملّ حديثه كل وقت وحين!
الأمر الثاني: ذهاب الكتب من هذه الديار، وتفرق أصول هذا الكتاب في الأنجاد والأمصار، فسارعت إلى جمعه، وكنت عند الشروع أرى نفسي حقيرة لمثل التصدي لهذا الخطب، ورأيت أن الترك لذلك أقرب، فرغَّبَني بعضُ مشايخي الأعلام (١)، وقال لي: هذه طريقة مُدخرة لدار السلام، ولا زال يحثني على تمام ما وقع به الشروع..) .
• ثم قال في بيان مصادر كتابه:
(وعمدتُ إلى أجمع كتابٍ للأحكام، وأنفع تأليفٍ تداولته الأئمة الأعلام، وهو "المنتقى" فجعلته أصلا لهذا الكتاب ... وزدت عليه الجمَّ
_________
(١) هو شيخه الحسن بن يحيى الكبسي (ت ١٢٣٨) .
المقدمة / 15
الغفير من "جامع الأصول" (١)، و"بلوغ المرام" (٢)، و"مجمع الزوائد" (٣)، و"الترغيب والترهيب" للحافظ المنذري، ومن "الجامع الصغير وذيله"، ومن "الجامع الكبير" (٤)، ومن "البدر المنير" (٥)، و"جامع المسانيد" (٦)، و"المستدرك" للحاكم، و"تلخيص الحافظ ابن حجر"، و"فتح الباري"، و"خلاصة البدر المنير"، وغير ذلك من الكتب، وراجعت تلك الأصول، ونسبت كل حديث إلى أصله المنقول ...) وستأتي مصادره في شرح الغريب.
• ثم بين طريقة تأليفه وترتيبه ومنهجه فيه بقوله:
(ورتبته -أي "المنتقى"- أحسن ترتيب، وهذَّبته أبلغ تهذيب، وحذفت منه أشياء تكررت، وأبدلت منه تراجم صُدِّرَت، وقدمت ما يحتاج إلى التقديم، وأخرت ما تقدمَ ورُتْبَتُه التأخير، وجعلت كل حديث حيث يستحق التصدير ...
وأتْبَعْتُ كل حديث ما عليه من الكلام من تصحيح وتحسين، أو تضعيف وتهوين (٧)، وعزوت كل شيء إلى قائله حسبما وجدته في هذه المصنفات، وإن لم أجد كلامًا لأحد من الأئمة على الحديث نقلت من كتب الرجال ما قيل في راويهِ من التوثيق والتضعيف، وبالغت في العناية في البحث لِمَا يحتاج إليه، وإن بَعُدَت طريق الوصول إلا بعد أيامٍ إليه ...) .
_________
(١) لابن الأثير الجزري.
(٢) للحافظ ابن حجر العسقلاني.
(٣) للحافظ الهيثمي.
(٤) كلاهما للحافظ السيوطي.
(٥) للحافظ ابن الملقن، وكذا خلاصته.
(٦) للحافظ ابن كثير.
(٧) كذا ولعلها: توهين.
المقدمة / 16
ثم حضه بعضُ شيوخه أن يُتْبعَ كلَّ حديث بما يحتاج إلى تفسيره من الغريب، حتى لا يحتاج إلى شرح، وتكمل به فائدة الكتاب قال: فامتثلت أمره، وأتْبَعتُ كل بابٍ ما يحتاج إليه نقلًا من شروح الحديث، و"غريب جامع الأصول"، و"مختصر نهاية ابن الأثير"، و"المغرب" و"صحاح الجوهري"، و"القاموس"، و"مجمع البحار" (١) وغير ذلك.
ثم إني أتبعتُ هذا الكتاب كتابَ الجامع، اشتمل على عدة أبواب مهمة لا يُستغنى عنها.
وقد أكرر الحديث الواحد في مواضع من هذا الكتاب لِمَا فيه من الأحكام المتعددة.
واقتديت بأصل هذا الكتاب -أي "المنتقى"- في جعل العلامة لِمَا رواه البخاري ومسلم: أخرجاه، ولما رواه أحمد وأصحاب السنن: رواه الخمسة، ولهم جميعًا: رواه الجماعة، ولأحمد والبخاري ومسلم: متفق عليه، وما سوى ذلك أذكر من أخرجه باسمه) .
• ولأهمية الكتاب وقيمته العلمية كَتَبَ العلامة محمد بهجة البيطار
مقالًا في التعريف به وبيان مميزاته أولَ ما طُبع المجلد الأول منه عام ١٣٩٠، وذلك في (مجلة المجمع العلمي العربي) بدمشق: (٣٤/٥١٥-٥١٧)
فأهم مميزات الكتاب:
١- أنه من أجْمَع كتب أحاديث الأحكام إن لم يكن أجمعها، فقد بلغ عدد أحاديثه (٦٥٢٩ حديثا) عدا الزيادات والألفاظ للحديث الواحد، فبها يزيد العدد إلى الضعف.
٢- أنه لتأخرِه استوعب الكتب المؤلفة في الأحكام، وضم إليها ما وجده
_________
(١) "مختصر النهاية" للسيوطي، و"المغرب" للمطرزي، و"القاموس" للفيروز آبادي، و"مجمع البحار" للهندي.
المقدمة / 17
في الكتب الجامعة للأحاديث مما تقدم ذكره قريبا.
٣- أنه يتبع كل حديث بما قيل فيه من تصحيح وتضعيف، وهذه ميزة كبيرة خاصة للفقيه التي ليست صناعته الحديث.
٤- شرحه لغريب ألفاظ الحديث من كتب الشروح المعتمدة.
* نسخ الكتاب الخطية:
للكتاب ثلاث نسخ خطية:
• أعلاها نسخة بخط المصنف كتبها سنة (١٢٤١) في شهر ذي الحجة، وكان قد انتهى من مسودة الكتاب سنة (١٢٤٠) في شهر رمضان.
وهي محفوظة في المكتبة الغربية بالجامع الكبير رقم ١٣٧. ولم نستطع الحصول على صورةٍ منها بعد محاولاتٍ شتى.
• ونسخة أخرى من مقتنيات المكتبة السابقة برقم ١٠٥ كُتِبت سنة (١٣١١) في شهر جمادى الأولى بخط أحمد بن علي الطير (١)، ثم أعاد مقابلتها على الأم وانتهى من ذلك في شهر شعبان من السنة المذكورة، وقد نُقِلَت هذه النسخة من نسخة المؤلف السالفة الذكر، وهذه النسخة التي اعتمدناها في إثبات نص الكتاب.
عدد صفحاتها (٦٥٢)، يليها ملحق كتبه المؤلف فيه إجازاته بكتب الحديث وبكتب بعض الأئمة كابن تيمية وابن القيم وابن الوزير وابن حجر وغيرهم. في كل صفحة (٣٥) سطرًا، وخطها نسخي واضح، وحالتها جيدة، وعلى صفحة العنوان عدد من التملكات، وقد كُتِبَت عناوين الكتب والأبواب بخط كبير، وعلى جوانبها تعليقات كثيرة، غالبها للمصنف، وهي
_________
(١) وهو عالم محقق في الفقه، اشتغل بالتدريس في الجامع الكبير وانتفع به الطلبة، ولد سنة (١٢٦٣) وتوفي سنة (١٣١٩) . انظر: "نزهة النظر": ١١٣، و"هجر العلم": ١/٣٣.
المقدمة / 18
شرح لبعض الأحاديث، أو تعريف ببعض الكتب والأعلام.
• والنسخة الثالثة فرعٌ عن التي قبلها، كتبت سنة (١٣٩٠) بخط محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن علي الطير (١)، وهو حفيد الناسخ السابق.
وهذه النسخة هي التي طُبع عنها الكتاب أوَّلَ مرَة كما في خاتمة الطبعة.
* العمل في الكتاب:
- اعتمدنا النسخةَ الثانيةَ -التي سبق الحديث عنها- أصلا، وهي نسخة جيدة قليلة الخطأ يُعْتَمَد عليها في إخراج الكتاب؛ إذ هي منقولة من خط المصنف، وناسخها -أحمد بن علي الطير- عالمٌ معروف، اعتنى بها وقابلها مرة أخرى.
- صححنا ما وقع في النسخة من وهم أو سبق قلم -وهو قليل- خاصة إذا كان في ألفاظ الأحاديث النبوية دون إشارةِ إلى ذلك إذا كان الخطأ من قبيل التصحيف ونحوه، ومع الإشارة في أحيان أخرى خاصة فيما يقع من نقص أو سقط.
- أثبتنا ما كان على حواشي النسخة من تعليقات منسوبة إلى المؤلف ﵀ أو لم تنسَب -وهي قليلة- إذا كانت تفيد غرض الكتاب.
- اعتنينا بتفقير الكتاب، ووضع علامات الترقيم اللازمة، وجعلنا نصوص الأحاديث بخط أثخن تمييزا له.
- رقمنا جميع الكتب الواردة فبلغت (٣٩) كتابَا، ثم رقمْنا الأبواب داخل كل كتاب فوضعنا رقم الكتاب أولا ويليه رقم الباب هكذا [١/٢٠] يعني: الباب رقم عشرين من الكتاب الأول وهكذا.
- ثم رقمنا الأحاديث رقمَا تسلسليا، فبلغ مجموع الأحاديث بحسب ترقيمنا (٦٥٢٩) . ولم نرقم ألفاظ الحديث ورواياته المختلفة وإلا لتضاعف
_________
(١) وهو من العلماء، ترجمته في "هجر العلم": ١/٣٣-٣٤.
المقدمة / 19
العدد.
- أحَلْنا على جميع الكتب الحديثية التي عزا إليها المؤلف بالجزء والصفحة أو بالرقم، وما لم نقف عليه من عزو المؤلف أو كان الكتاب المحال إليه غير مطبوع أغفلنا الإشارة إليه، ونشير هنا إلى أن بعض الكتب لم يكتمل طبعها حال عملنا على الكتاب من نحو سنتين مثل "مسند البزار"، و"المختارة" للضياء فلم تحصل الإحالة إليها.
- قد نحيل على عدد من المصادر التي لم يعزُ لها المصنف تكميلًا للفائدة.
- أما ما وجدناه من أوهام المؤلف في العزو أو غيره، فما جزمنا به علقناه في الهامش، وما كان محتملًا صنعنا له ملحقًا خاصًّا بعد المقدمة، فذكرنا ما وقع عند المصنف ثم أتبعناه بالإيراد على كلامه. وكثير من هذه المواضع يكون فيها المؤلف تابعا لغيره من المخَرجين، كصاحب "المنتقى"، أو ابن حجر في "التلخيص"، أو الشوكاني في "النيْل".
- ختمنا العمل بفهارس للأحاديث والمراجع والكتب والأبواب.
وهنا نشكر كل الإخوة الأفاضل الذين شاركوا في العمل والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
كتبه
علي بن محمد العمران
٦/شعبان/١٤٢٦
المقدمة / 20
ملحق
الملاحظات والاستدراكات على الكتاب (*)
(٤٦) * حديث وائل ليس بهذا اللفظ، وبهذا اللفظ عند البخاري معلق موقوفًا على ابن مسعود برقم (٢١٢٩)، وأخرجه موقوفًا على ابن مسعود الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/١٠٨)، وابن أبي شيبة (٥/٣٨، ٧٥)، والطبراني في الكبير (٩/٣٤٥)، وليس في مسلم والترمذي، وأخرجه مرفوعا عن أم سلمة البيهقي (١٠/٥)، والطبراني في الكبير (٢٣/٣٢٦)، وابن حبان (٤/٢٣٣)، وأبو يعلى (١٢/٤٠٢) . والذي عند مسلم سيأتي في باب النهي عن التداوي بالمحرمات لكن ليس بهذا اللفظ، وإنما بلفظ: (إنها ليست بدواء ولكنها داء) .
(٤٧) * بهذا اللفظ لم يذكره أحد إلا الشوكاني في "النيل" ولعله تابعه، واللفظ هو "نهى النبي ﷺ عن الدواء الخبيث" أخرجه أحمد (٢/٣٠٥)، وأبو داود (٤/٦)، والبيهقي (١٠/٥)، وابن أبي شيبة (٥/٣٢) .
(٤٧) * لم نجده عند مسلم، وهو عند أحمد بزيادة "يعني السم" (٢/٣٠٥، ٤٤٦، ٤٧٨)، وابن ماجه (٢/١١٤٥)، والترمذي (٤/٣٨٧)، وقد كرره المصنف برقم (٥٧٠٣)، وعزاه لمسلم أيضًا، ولم يعزه له المزي في التحفة (١٠/٣١٦) (١٤٣٤٦) .
(٦٦) * قال المصنف: إن البخاري قال: "إن سودة" مكان "عن سودة"، والصحيح أن الجميع ذكر هذا الحديث "عن سودة" حتى البخاري.
(٦٧) * ذكر المصنف لفظ "أن ينتفع"، وهي عند الجميع "أن يستمتع"،
_________
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وقد نسخنا كل تعليقات هذا الملحق إلى مواضعها على هامش الأحاديث لتكمل بها الفائدة
المقدمة / 21
وهناك رواية لأحمد "أن ينتفع" (٦/١٠٤) .
(٦٩) * قال المصنف: وليس للنسائي ذكر المدة، نقول: وأيضًا ابن ماجه لم يذكر المدة (٢/١١٩٤) .
(٧١) * ذكر المؤلف أن اللفظ للترمذي، ولفظ الترمذي وأبو داود واحد وهو "ما قطع من البهيمة وهي حية فهي ميتة".
(١٤٠) * قول الدارقطني ليس في السنن بهذا السياق، وأشار المباركفوري إلى أنه في نسخة (حديث حسن) بدلا من (حديث صحيح) وذكر الحديث الدارقطني في "العلل".
(١٧٥) * قال المصنف: غير أن ذِكْر "سنة" ليس لمسلم. والصحيح أنها وردت عند مسلم (٤/١٨٣٩) .
(١٧٩) ذكر المؤلف عن شداد بن أوس مرفوعًا، ولا يوجد هذا الحديث عند أحمد والبيهقي إلا من رواية أبي المليح عن أبيه مرفوعا البيهقي (٨/٣٢٥)، أحمد (٥/٧٥) .
وروي هذا الحديث عن ابن عباس مرفوعًا وموقوفًا لكن من رواية عكرمة أو جابر بن زيد عن ابن عباس البيهقي (٨/٣٢٤)، والطبراني في الكبير (١١/٢٣٣، ١٢/١٨٢) ولعل المقصود هنا هو رواية أبي المليح عن أبيه عن شداد بن أوس وهي موجودة عند الطبراني في الكبير (٧/٢٧٣، ٢٧٤) .
(٢٧٤) * رواية الحاكم لم نجدها.
(٢٨٤) * لم أجده عند الحاكم بنفس اللفظ، ولم يعزه الأرناؤوط إليه.
المقدمة / 22
والذي أخرجه الحاكم وصححه (١/٢٤٧، ٢٥٠) هو "أن النبي ﷺ توضأ مرة مرة، وجمع بين المضمضة والاستنشاق"، وفي الرواية الأخرى "ومسح بهما رأسه وأذنيه" في صفة وضوء النبي. إلا أنه لم يذكر صفة المسح.
(٣٤٨) * قال رواه أحمد وأبو داود. وهذا اللفظ لم يخرجه إلا الترمذي، وأحمد لم يروه بنفس اللفظ وإنما رواه باللفظ الثاني، وبالنسبة لأبي داود، فلعله خطأ مطبعي واللفظ للترمذي وقال: هو أصح شيء في هذا الباب برقم (١/١٤٣) . ثم قال المصنف في الرواية الثانية، وهو عند أصحاب السنن الثلاث، ولم أجده إلا عند أبي داود والنسائي.
(٣٧٣) * وأخرج معناه أبو داود والترمذي وابن ماجه، أما الترمذي فذكر الطريق دون اللفظ، وأما ابن ماجه وأبو داود فإن معناه مخرج من حديث البراء، وهو في تخريج الحديث قبل هذا فليحرر.
(٣٧٤) * وهو عند أبي داود (١/١٦) (٥٩) والنسائي (١/٨٧)، وابن ماجه (٢٧١) عن أبي المليح عن أبيه، ولم أجده من حديث ابن عمر.
(٣٨٧) * رواية الترمذي لم أجدها، وإنما ساقه الترمذي كقول للأئمة أنهم رأو ترك الوضوء مما مسته النار (١/١١٩)، ولم أجده عند ابن ماجه.
(٤٠١) * الحديث الذي رواه الجماعة إنما أشار إليه الترمذي (١/٣٥) بقوله: وفي الباب عن عائشة دون أن يذكر الحديث. وهو أيضًا عند الدارقطني (١/١١٧)، والبيهقي (١/٣٠٩) .
(٤٤٦) * رواية أحمد لم أجدها، وهي عند أبي داود (١/٩٧، ٢٧٨)، مختصرا، والبيهقي (٣/١٨٩) .
المقدمة / 23
(٤٦٢) * لم أجده عند الطبراني، وقد قال الشوكاني في "النيل": وأخرجه البيهقي بأسانيد جيدة، وهو عند البيهقي (١/١٧٩) (٨١٨) .
(٥١١) * النسائي رواه موصولًا ومرسلًا، وأبو داود قال بعد أن ساق الحديث موصولًا: وذِكْر أبي سعيد في هذا الحديث غير محفوظ وهو مرسل.
(٥١٨) * جميع الألفاظ في الأحاديث لم تذكر كلمة "أثر" وهذه اللفظة في حديث عائشة عندما قالت للمرأة (تتبعي بها أثر الدم) . والله أعلم.
(٥٣٢) لم أجده في "التاريخ" وعزاه في "النيل" له، وهو عند ابن جرير الطبري في التفسير (٢/٣٨٣)، وعزاه في الدر المنثور (١/٦٢١) للبيهقي وعبد الرزاق والنحاس.
كتاب الصلاة
(٥٥٧) * لم نجده عند أبي داود، وقد عزاه إليه في الدر المنثور (١/٧١١)، والترغيب والترهيب (١/٢١٣) .
(٥٧٩) * لم أجده في مصنف عبد الرزاق وعزاه في النيل (١/٤٣٩) إليه.
(٦٨٧) * أخرجه بهذا اللفظ أحمد ومسلم كما هو مخرج، وأخرجه أحمد (٥/١٠٦) وأبو داود (١/٢١٣)، وابن ماجه (١/٢٢١)، بلفظ "كان رسول الله يصلي إذا دحضت الشمس" وأخرجه أحمد (٥/١٠٦) بلفظ "كان بلال يؤذن إذا دحضت الشمس" ولم أجده عند النسائي وهو عند البيهقي (١/٣٨٥، ٢/١٩) .
المقدمة / 24