258

La Grâce d'Allah, le Merveilleux à l'Exposition du Livre de l'Unicité

فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

Genres

وأما في السنة فقد بين الرسول هذا المعنى بعينه وأفصح به لئلا يشتبه على أحد ويستبعد ذلك، عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله اليهود # والنصارى؟ قال: " فمن". أخرجاه1. فقد صرح رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة المحمدية يتبعن سنن من قبلهم ويسلكن مسلكهم ثم أكد المشابهة أي بأنهم لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، جعل صلى الله عليه وسلم غاية المشابهة أمرا محالا في العادة بمعنى أنكم لا تتركون شيئا يفعلونه حتى لو فعلوا هذا الأمر المحال لفعلتموه ثم بين أنهم خالفوا الله ورسولهم وهم أهل الكتاب الذين أوتوا العلم فدل ذلك على أن الكتاب والعلم لا يوجب الهداية إلا بفضل الله ورحمته فكونوا على حذر فإنكم على خطر فإن الذي أضلهم من المنظرين إلى يوم القيامة واستلزم بإضلال العباد إلا عباد الله المخلصين قال لعنه الله: {لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين} حتى يؤول بكم الإضلال إلى تفرقكم واختلافكم بعضكم من بعض كما تفرقت بنو إسرائيل. عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليأتين على أمتي كما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: ما هي يا رسول الله؟ قال: "ما أنا عليه وأصحابي" رواه الترمذي2. وفي رواية لأحمد وأبي داود عن معاوية: "ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة، وأنه سيخرج في أمتي أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا # دخله" 1.

Page 307