223

La Grâce d'Allah, le Merveilleux à l'Exposition du Livre de l'Unicité

فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

Genres

وقال أبو هريرة: من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال: "من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه" 1. فتلك الشفاعة لأهل التوحيد والإخلاص بإذن الله قال تعالى: {يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا} . [النبأ: 38] . وقال: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} . [البقرة: 255] . ولا تكون الشفاعة لمن أشرك بالله كيف وقد قال الله تعالى: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار} . [المائدة: 72] . وقد نهى الله رسوله عن الاستغفار للمشركين ولو كانوا أقاربه قال تعالى: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} . [التوبة: 113] . وقال تعالى في شأن المنافقين: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} . [التوبة: 80] . وقال تعالى: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا} . [التوبة: 84] . فإذا كان منهيا عن الدعاء والاستغفار فكيف يستغفر لهم في الآخرة وحقيقته أمه لما كان المشرك نجسا وخبيثا في الفعل وأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا ولا يجاوره في دار كرامته إلا الطيبون حرم الله على المشرك النجس الخبيث الجنة، ولما كان الموحد طاهرا طيبا أكرمه الله بالنزول في دار كرامته، وإذا كان عليه دنس من أدناس # الذنوب أولا يصفى بكير الامتحان بالمحن والمصائب وإن بقي عليه شيء منها صفي يوم القيامة بكير النار حتى ينظف فحينئذ يدخل في الجنة فيقول لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين، ولكن يجعل الله دخولهم على يد من أذن له بالشفاعة كرامة له فكان الله سبحانه هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع ليكرمه وينال المقام المحمود فالشفاعة التي نفاها القرآن ما كان فيها شرك أي أنه طلب الشفاعة من غير الله ما طلبها منه تعالى وتقدس مثل أن يقول: اشفع لي يا فلان فذلك قد طلب حق الله من غيره قال تعالى: {قل لله الشفاعة جميعا} . [الزمر: 44] . فهذا ممنوع منهي عنه وهو شرك لأنه دعا غير الله لمقصده الذي هو الشفاعة التي هي لله تعالى جميعا، ومعلوم بالضرورة أن من طلب حق الله من عبده فقد ظلمه أولا، وثانيا ظن أن للعبد شراكة في ذلك الحق ولولا ذلك الظن ما طلب حق الله من غيره، وأما إذا طلبته من الله كأن تقول: اللهم شفع فلانا في أو اجعل فلانا شفيعا لي فذلك جائز لأنك دعوت الله لا غيره وطلبت حق الله من الله لا غيره وليس من المنهي عنه فتأمل حتى تميز.

ولهذا أثبت الشفاعة بإذنه في مواضع، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص. انتهى كلامه.

Page 272