143

Fath Al-Wahhab bi Sharh Manhaj Al-Tullab

فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب

Maison d'édition

دار الفكر

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1418 AH

Lieu d'édition

بيروت

باب صوم التطوع
سن صوم عرفة لغير مسافر وحاج وعاشوراء وتاسوعاء واثنين وخميس وأيام بيض وستة من شوال واتصالها أفضل ودهر غير عيد وتشريق وإن لم يخف ضررا أو فوت حق وإلا كره كإفراد جمعة أو سبت أو أحد بلا سبب وقطع نفل غير نسك بلا عذر ولا يجب قضاؤه وحرم قطع فرض عيني.
ــ
بَابٌ صَوْمِ التَّطَوُّعِ.
الْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ: "مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ الله وجهه عن النار سبعين خريفا".
" سُنَّ صَوْمُ " يَوْمِ " عَرَفَةَ " وَهُوَ تَاسِعُ ذِي الْحِجَّةِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " لِغَيْرِ مُسَافِرٍ وَحَاجٍّ " بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ فِطْرُهُ وَبِخِلَافِ الْحَاجِّ فَإِنَّهُ إنْ عَرَفَ أَنَّهُ يَصِلُ عَرَفَةَ ليلا وكان مقيما سن صومه وإلا سن فِطْرُهُ وَإِنْ لَمْ يُضْعِفْهُ الصَّوْمُ عَنْ الدُّعَاءِ وأعمال الحج والأحوط صوم الثامن مع عَرَفَةَ " وَ" يَوْمِ " عَاشُورَاءَ " وَهُوَ عَاشِرُ الْمُحَرَّمِ " وَتَاسُوعَاءَ " وَهُوَ تَاسِعُهُ قَالَ ﷺ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَقَالَ لَئِنْ بَقِيت إلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ فَمَاتَ قَبْلَهُ رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَيُسَنُّ مَعَ صَوْمِهِمَا صَوْمُ الْحَادِيَ عَشَرَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ " وَاثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ " لِأَنَّهُ ﷺ كَانَ يَتَحَرَّى صَوْمَهُمَا وقال تعرض الأعمال يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.
" وَأَيَّامِ " لَيَالٍ " بيض " وهو الثَّالِثَ عَشَرَ وَتَالِيَاهُ لِأَنَّهُ ﷺ أَمَرَ بِصِيَامِهَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَالْأَحْوَطُ صَوْمُ الثَّانِي عَشَرَ مَعَهَا وَوُصِفَتْ اللَّيَالِي بِالْبِيضِ لِأَنَّهَا تَبْيَضُّ بِطُلُوعِ الْقَمَرِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا وَسُنَّ صَوْمُ أَيَّامِ السُّودِ وَهِيَ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ وَتَالِيَاهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ صَوْمُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مَعَهَا " وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ " لِخَبَرِ مسلم: "من صام رمضان ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ" وَخَبَرِ النَّسَائِيّ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَيْ مِنْ شَوَّالٍ بِشَهْرَيْنِ فَذَلِكَ صِيَامُ السَّنَةِ أَيْ كَصِيَامِهَا فَرْضًا وَإِلَّا فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا " وَاتِّصَالُهَا " بِيَوْمِ الْعِيدِ " أَفْضَلُ " مُبَادَرَةً لِلْعِبَادَةِ وَتَعْبِيرِي بِاتِّصَالِهَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِتَتَابُعِهَا لِشُمُولِهِ الْإِتْيَانِ بِهَا مُتَتَابِعَةً وَعَقِبَ الْعِيدِ.
" وَ" سُنَّ صَوْمُ " دَهْرٍ غَيْرِ عِيدٍ وَتَشْرِيقٍ إن لم يخف به ضررا أَوْ فَوْتَ حَقٍّ " لِأَنَّهُ ﷺ قَالَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ هَكَذَا وَعَقَدَ تِسْعِينَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَمَعْنَى ضيقت عليه أي عنه فلم يدخلها أولا يَكُونُ لَهُ فِيهَا مَوْضِعٌ " وَإِلَّا " بِأَنْ خَافَ بِهِ ذَلِكَ " كُرِهَ " وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ " كَإِفْرَادِ " صَوْمِ " جُمُعَةٍ أَوْ سَبْتٍ أَوْ أَحَدٍ " بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ " بِلَا سَبَبٍ " لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ: "لَا يَصُمْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يَصُومَ يَوْمًا قبله ويوما بَعْدَهُ" وَخَبَرِ "لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلَّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وصححه عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلِأَنَّ الْيَهُودَ تُعَظِّمُ يَوْمَ السَّبْتِ وَالنَّصَارَى يَوْمَ الْأَحَدِ فَلَوْ جَمَعَهَا أَوْ اثْنَيْنِ مِنْهَا لَمْ يُكْرَهْ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ لَمْ يُعَظِّمْهُ أَحَدٌ أَمَّا إذَا صَامَهُ بِسَبَبٍ كَأَنْ اعْتَادَ صَوْمَ يَوْمٍ وَفِطْرَ يَوْمٍ فَوَافَقَ صَوْمُهُ يَوْمًا مِنْهَا فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ لَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ وَقِيسَ بِالْجُمُعَةِ الْبَاقِي وَقَوْلِي أَوْ أَحَدٌ بِلَا سَبَبٍ مِنْ زيادتي.
" و" ك " قطع نَفْلٍ غَيْرِ نُسُكٍ " حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ " بِلَا عذر " فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ ١ أما بعذر كمساعدة ضيف فِي الْأَكْلِ إذَا عَزَّ عَلَيْهِ امْتِنَاعُ مُضِيفِهِ منه أو عكسه فلا يكره لِخَبَرِ: " الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ" رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَقِيسَ بِالصَّوْمِ غَيْرُهُ مِنْ النَّفْلِ أَمَّا نَفْلُ النُّسُكِ فَيَحْرُمُ قَطْعُهُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ لِمُخَالَفَتِهِ غَيْرَهُ فِي لُزُومِ الْإِتْمَامِ وَالْكَفَّارَةِ بِإِفْسَادِهِ بِجِمَاعٍ " وَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ " إنْ قطعه لأن أم هانىء كانت

١ محمد: ٣٣.

1 / 145