69

Fath al-Qadeer Sharh al-Hidayah

فتح القدير شرح الهداية

Maison d'édition

مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1389 AH

Lieu d'édition

مصر

بِالطَّبْخِ بَعْدَ مَا خُلِطَ بِهِ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ التَّوَضِّي بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي مَعْنَى الْمُنَزَّلِ مِنْ السَّمَاءِ إذْ النَّارُ غَيَّرَتْهُ إلَّا إذَا طُبِخَ فِيهِ مَا يُقْصَدُ بِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي النَّظَافَةِ كَالْأُشْنَانِ وَنَحْوِهِ، لِأَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ يُغْسَلُ بِالْمَاءِ الَّذِي أُغْلِيَ بِالسِّدْرِ، بِذَلِكَ وَرَدَتْ السُّنَّةُ، إلَّا أَنْ يَغْلِبَ ذَلِكَ عَلَى الْمَاءِ فَيَصِيرَ كَالسَّوِيقِ الْمَخْلُوطِ لِزَوَالِ اسْمِ الْمَاءِ عَنْهُ.
(وَكُلُّ مَاءٍ وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ قَلِيلًا كَانَتْ النَّجَاسَةُ أَوْ كَثِيرًا)
ــ
[فتح القدير]
فِي التَّجْنِيسِ بِأَنَّ مِنْ التَّفْرِيعِ عَلَى اعْتِبَارِ الْغَلَبَةِ بِالْأَجْزَاءِ قَوْلُ الْجُرْجَانِيِّ إذَا طُرِحَ الزَّاجُّ أَوْ الْعَفْصُ فِي الْمَاءِ جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ إنْ كَانَ لَا يَنْقُشُ إذَا كُتِبَ بِهِ، فَإِنْ نَقَشَ لَا يَجُوزُ وَالْمَاءُ هُوَ الْمَغْلُوبُ.
وَفِي الْيَنَابِيعِ لَوْ نُقِعَ الْحِمَّصُ وَالْبَاقِلَاءُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ وَرِيحُهُ يَجُوزُ التَّوَضِّي بِهِ فَإِنْ طُبِخَ، فَإِنْ كَانَ إذَا بَرَدَ ثَخُنَ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ، أَوْ لَمْ يَثْخُنْ وَرِقَّةُ الْمَاءِ بَاقِيَةٌ جَازَ. وَعِبَارَةُ الْقُدُورِيِّ تُعْطِي أَنَّ تَغَيُّرَ وَصْفَيْنِ يَمْنَعُ لَا وَصْفٌ. وَاقْتَحَمَ شَارِحُ الْكَنْزِ ﵀ التَّوْفِيقَ بَيْنَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ بِإِعْطَاءِ ضَابِطٍ فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ التَّقْيِيدَ الْمُخْرِجَ عَنْ الْإِطْلَاقِ بِأَمْرَيْنِ:
الْأَوَّلُ كَمَالُ الِامْتِزَاجِ وَهُوَ بِالطَّبْخِ مَعَ طَاهِرٍ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّنْظِيفِ أَوْ بِتَشَرُّبِ النَّبَاتِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُخْرَجُ مِنْهُ إلَّا بِعِلَاجٍ، فَخَرَجَ الْمَاءُ الَّذِي يَقْطُرُ مِنْ الْكَرْمِ بِنَفْسِهِ.
الثَّانِي غَلَبَةُ الْمُخَالِطِ، فَإِنْ كَانَ جَامِدًا فَبِانْتِفَاءِ رِقَّةِ الْمَاءِ وَجَرَيَانِهِ عَلَى الْأَعْضَاءِ، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا مُوَافِقًا لِلْمَاءِ فِي أَوْصَافِهِ الثَّلَاثَةِ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمُخْتَارَةِ مِنْ طَهَارَتِهِ فَبِالْأَجْزَاءِ وَإِنْ كَانَ يُخَالِفُهُ فِيهَا فَبِتَغْيِيرِهِ أَكْثَرَهَا أَوْ فِي بَعْضِهَا فَبِغَلَبَةِ مَا بِهِ الْخِلَافُ، كَاللَّبَنِ يُخَالِفُ فِي الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ، فَإِنْ غَلَبَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ مُنِعَ وَإِلَّا جَازَ، وَكَذَا مَاءُ الْبِطِّيخِ يُخَالِفُهُ فِي الطَّعْمِ فَتُعْتَبَرُ الْغَلَبَةُ فِيهِ بِالطَّعْمِ.
وَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الْأَقْسَامِ مَا خَالَطَ جَامِدًا فَسَلَبَ رِقَّتَهُ وَجَرَيَانَهُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَاءٍ مُقَيَّدٍ وَالْكَلَامُ فِيهِ، بَلْ لَيْسَ بِمَاءٍ أَصْلًا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ

1 / 73