Fath al-Qadeer Sharh al-Hidayah
فتح القدير شرح الهداية
Maison d'édition
مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1389 AH
Lieu d'édition
مصر
Genres
Fiqh hanafite
جَائِزٌ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَالْأَوْدِيَةِ وَالْعُيُونِ وَالْآبَارِ وَالْبِحَارِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: ٤٨] وَقَوْلُهُ ﵊ «وَالْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إلَّا مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ» وَقَوْلُهُ ﵊ فِي الْبَحْرِ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ وَالْحِلُّ مَيْتَتُهُ» وَمُطْلَقُ الِاسْمِ يَنْطَلِقُ عَلَى هَذِهِ الْمِيَاهِ.
قَالَ (وَلَا يَجُوزُ بِمَا اُعْتُصِرَ مِنْ الشَّجَرِ وَالثَّمَرِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ وَالْحُكْمُ عِنْدَ فَقْدِهِ مَنْقُولٌ إلَى التَّيَمُّمِ
ــ
[فتح القدير]
(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: ٤٨] يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى عُمُومِ الدَّعْوَى إنْ كَانَتْ كُلُّ الْمِيَاهِ أَصْلُهَا مِنْ السَّمَاءِ، وَإِنَّمَا سَلَكَتْ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ﴾ [الزمر: ٢١] وَعَلَى بَعْضِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الدَّعْوَى هِيَ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّوَضِّي بِهَذِهِ الْمِيَاهِ، وَلَيْسَ فِي النَّصِّ الْمَذْكُورِ وَلَا الْأَحَادِيثِ مَا يُوجِبُ ذَلِكَ، بَلْ إنَّمَا أَفَادَتْ وَصْفَ الْمَاءِ بِالطَّهُورِيَّةِ، وَالْأَصْحَابُ مُصَرِّحُونَ بِأَنْ لَيْسَ مَعْنَى الطَّهُورِ لُغَةً مَا يُطَهِّرُ غَيْرَهُ، بَلْ إنَّمَا هُوَ الْمُبَالَغُ فِي طَهَارَتِهِ، أَيْ طَهَارَتُهُ قَوِيَّةٌ وَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ كَوْنَهُ يُطَهِّرُ غَيْرَهُ، وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ مَعَ مَالِكٍ ﵁، وَكَوْنُ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْمَوْصُوفَ بِلَفْظِ طَهُورٍ فِي لِسَانِ الشَّرْعِ مَا يُطَهِّرُ غَيْرَهُ دَلِيلٌ آخَرُ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِهِ.
وَأَمَّا النَّصُّ الْمَذْكُورُ بِاسْتِقْلَالِهِ لَا يُوجِبُهُ، فَكَانَ الْوَجْهُ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ [الأنفال: ١١] وَحَدِيثُ «الْمَاءُ طَهُورٌ» حَاصِلُ كَلَامِهِمْ فِيهِ أَنَّهُ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ ضَعِيفٌ بِرِشْدِينِ بْنِ سَعْدٍ وَبِدُونِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْخُدْرِيِّ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ تُلْقَى فِيهَا الْحِيَضُ وَلُحُومُ الْكِلَابِ وَالنَّتْنُ؟ فَقَالَ ﷺ: الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ الْقَطَّانِ وَإِنْ ضَعَّفَهُ بِسَبَبِ الْخِلَافِ فِي تَسْمِيَةِ بَعْضِ أَهْلِ السَّنَدِ، وَقَدْ قَالَ: وَلَهُ إسْنَادٌ صَحِيحٌ
1 / 69