31

Fath al-Qadeer Sharh al-Hidayah

فتح القدير شرح الهداية

Maison d'édition

مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1389 AH

Lieu d'édition

مصر

وَبِالْمَيَامِنِ) فَالتَّرْتِيبُ فِي الْوُضُوءِ سُنَّةٌ عِنْدَنَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فَرْضٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ [المائدة: ٦] الْآيَةَ، وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ. وَلَنَا أَنَّ الْمَذْكُورَ فِيهَا حَرْفُ الْوَاوِ وَهِيَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ اللُّغَةِ فَتَقْتَضِي إعْقَابَ غَسْلِ جُمْلَةِ الْأَعْضَاءِ وَالْبُدَاءَةُ بِالْمَيَامِنِ فَضِيلَةٌ لِقَوْلِهِ ﵊ «إنَّ اللَّه تَعَالَى يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى التَّنَعُّلِ وَالتَّرَجُّلِ» .
ــ
[فتح القدير]
غَنِيٌّ عَنْ الْبَيَانِ.
(قَوْلُهُ وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ) فَيُفِيدُ وُجُوبَ تَعْقِيبِ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ بِغَسْلِ الْوَجْهِ فَيَلْزَمُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْوَجْهِ وَغَيْرِهِ فَيَلْزَمُ فِي الْكُلِّ لِعَدَمِ الْقَائِلِ بِالْفَصْلِ.
قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ إفَادَتَهَا تَعْقِيبَ الْقِيَامِ بِهِ بَلْ جُمْلَةَ الْأَعْضَاءِ.
وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْمُعَقَّبَ طَلَبُ الْغَسْلِ وَلَهُ مُتَعَلِّقَاتٌ وَصَلَ إلَى أَوَّلِهَا ذِكْرًا بِنَفْسِهِ، وَالْبَاقِي بِوَاسِطَةِ الْحَرْفِ الْمُشْرِكِ فَاشْتَرَكَتْ كُلُّهَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ إفَادَةِ طَلَبِ تَقْدِيمِ تَعْلِيقِهِ بِبَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْوُجُودُ، فَصَارَ مُؤَدَّى التَّرْكِيبِ طَلَبَ إعْقَابِ غَسْلِ جُمْلَةِ الْأَعْضَاءِ، وَهَذَا عَيْنُ مَا فِي الْكِتَابِ، وَهُوَ عَيْنُ نَظِيرِ قَوْلِكَ اُدْخُلْ السُّوقَ فَاشْتَرِ لَنَا خُبْزًا وَلَحْمًا حَيْثُ كَانَ الْمُفَادُ إعْقَابَ الدُّخُولِ بِشِرَاءِ مَا ذُكِرَ فَكَيْفَ وَقَعَ، وَدَعْوَى الْمُصَنِّفِ إجْمَاعَ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ تَبَعٌ لَلْفَارِسِيِّ، وَهُوَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ قَوْلِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ أَوْ لِلْقُرْآنِ (قَوْلُهُ وَالْبُدَاءَةُ بِالْمَيَامِنِ فَضِيلَةٌ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ ﷺ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي كُلِّ شَيْءٍ» وَهُوَ مَعْنَى مَا رَوَى السِّتَّةُ عَنْ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي كُلِّ شَيْءٍ فِي طَهُورِهِ وَتَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَشَأْنِهِ كُلِّهِ» وَهُوَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اسْتِلْزَامِ الْمَحْبُوبِيَّةِ الْمُوَاظَبَةَ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمُسْتَحَبَّاتِ مَحْبُوبَةٌ لَهُ ﷺ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ

1 / 35