234

Fath al-Qadeer Sharh al-Hidayah

فتح القدير شرح الهداية

Maison d'édition

مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

Édition

الأولى

Année de publication

1389 AH

Lieu d'édition

مصر

(وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَلِّيَ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ الْفَوَائِتَ وَيَسْجُدَ لِلتِّلَاوَةِ وَيُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ) لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ كَانَتْ لِحَقِّ الْفَرْضِ لِيَصِيرَ الْوَقْتُ كَالْمَشْغُولِ بِهِ لَا لِمَعْنًى فِي الْوَقْتِ فَلَمْ تَظْهَرْ فِي حَقِّ الْفَرَائِضِ، وَفِيمَا وَجَبَ لِعَيْنِهِ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، وَظَهَرَتْ فِي حَقِّ الْمَنْذُورِ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ وُجُوبُهُ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ، وَفِي حَقِّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، وَفِي الَّذِي شَرَعَ فِيهِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ لِأَنَّ الْوُجُوبَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ خَتْمُ الطَّوَافِ وَصِيَانَةُ الْمُؤَدَّى عَنْ الْبُطْلَانِ
ــ
[فتح القدير]
مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، فَكَانَ إجْمَاعًا عَلَى أَنَّ الْمُتَقَرِّرَ بَعْدَهُ ﵊ عَدَمُ جَوَازِهِمَا، ثُمَّ كَانَ ذَلِكَ دَأْبَهُ لَا أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ مَرَّةً فَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ أَوْ يَجُوزُ رُجُوعُهُ كَمَا يُفِيدُ قَوْلُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حِينَ سُئِلَ عَنْ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَصْرِ: كَانَ عُمَرُ ﵁ يَضْرِبُ الْأَيْدِيَ عَنْ صَلَاةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ الْحَدِيثُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ إلَخْ) اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا دَلَّ عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ، ثُمَّ النَّظَرُ إلَيْهِ يَسْتَلْزِمُ نَقِيضَ قَوْلِهِمْ الْعِبْرَةُ فِي الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ لِعَيْنِ النَّصِّ لَا لِمَعْنَى النَّصِّ، لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ مُعَارَضَةَ النَّصِّ بِالْمَعْنَى، وَالنَّظَرُ إلَى النُّصُوصِ يُفِيدُ مَنْعَ الْقَضَاءِ تَقْدِيمًا لِلنَّهْيِ الْعَامِّ عَلَى حَدِيثِ التَّذَكُّرِ.
نَعَمْ يُمْكِنُ إخْرَاجُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ بِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِصَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ. وَيَكْفِي فِي إخْرَاجِ الْقَضَاءِ مِنْ الْفَسَادِ الْعِلْمُ بِأَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ لِمَعْنًى فِي الْوَقْتِ وَذَلِكَ هُوَ الْمُوجِبُ لِلْفَسَادِ، وَأَمَّا مِنْ الْكَرَاهَةِ فَفِيهِ مَا سَبَقَ (قَوْلُهُ وَفِيمَا وَجَبَ لِعَيْنِهِ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ) الْمُرَادُ بِمَا وَجَبَ لِعَيْنِهِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ وُجُوبُهُ بِعَارِضٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ نَفْلًا كَالْمَنْذُورِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَقْصُودًا بِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ كَمُخَالَفَةِ الْكُفَّارِ وَمُوَافَقَةِ الْأَبْرَارِ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَقَضَاءِ حَقِّ الْمَيِّتِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَا يُكْرَهُ الْمَنْذُورُ، وَلَا أَثَرَ لِإِيجَابِ الْعَبْدِ كَمَا لَا أَثَرَ لِتِلَاوَتِهِ فِي إثْبَاتِ الْكَرَاهَةِ فِي السَّجْدَةِ.
وَقَدْ يُقَالُ وُجُوبُ السَّجْدَةِ فِي التَّحْقِيقِ مُتَعَلِّقٌ بِالسَّمَاعِ لَا بِالِاسْتِمَاعِ وَلَا التِّلَاوَةِ، وَذَلِكَ لَيْسَ فِعْلًا مِنْ الْمُكَلَّفِ بَلْ وَصْفٌ

1 / 238