Fath al-Qadeer Sharh al-Hidayah
فتح القدير شرح الهداية
Maison d'édition
مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1389 AH
Lieu d'édition
مصر
Genres
Fiqh hanafite
(وَإِنْ كَانَتْ مُخَفَّفَةً كَبَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ جَازَتْ الصَّلَاةُ مَعَهُ حَتَّى يَبْلُغَ رُبُعَ الثَّوْبِ) يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ فِيهِ بِالْكَثِيرِ الْفَاحِشِ، وَالرُّبُعُ مُلْحَقٌ بِالْكُلِّ فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَحْكَامِ، وَعَنْهُ رُبُعُ أَدْنَى ثَوْبٍ تَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ كَالْمِئْزَرِ، وَقِيلَ رُبُعُ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَصَابَهُ كَالذَّيْلِ وَالدِّخْرِيصِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀ شِبْرٌ فِي شِبْرٍ،
ــ
[فتح القدير]
قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي فَتَاوَى نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ: صَبِيٌّ ارْتَضَعَ ثُمَّ قَاءَ فَأَصَابَ ثِيَابَ الْأُمِّ، إنْ كَانَ مِلْءَ الْفَمِ فَنَجِسٌ، فَإِذَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ مُنِعَ.
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مَا لَمْ يَفْحُشْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، كَذَا فِي غَرِيبِ الرِّوَايَةِ لِأَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي النَّوَاقِضِ عَنْ الْمُجْتَبِي وَغَيْرِهِ يَقْتَضِي طَهَارَةَ هَذَا الْقَيْءِ فَارْجِعْ إلَيْهِ. وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ مَعْنَاهُ مَقْطُوعٌ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ، فَالْعَمَلُ بِالظَّنِّيِّ وَاجِبٌ قَطْعًا فِي الْفُرُوعِ وَإِنْ كَانَ نَفْسُ وُجُوبٍ مُقْتَضَاهُ ظَنِّيًّا، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ يُرِيدُ دَلِيلَ الْإِجْمَاعِ، وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي الرَّوْثِ وَهُوَ لِلْحِمَارِ وَالْفَرَسِ، وَالْخَثَى وَهُوَ لِلْبَقَرِ، وَالْبَعْرِ وَهُوَ لِلْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، فَعِنْدَهُ غَلِيظَةٌ لِقَوْلِهِ ﵊ فِي الرَّوْثَةِ «إنَّهَا رِكْسٌ» وَلَمْ يُعَارَضْ وَعِنْدَهُمَا خَفِيفَةٌ فَإِنَّ مَالِكًا يَرَى طَهَارَتَهَا، وَلِعُمُومِ الْبَلْوَى لِامْتِلَاءِ الطُّرُقِ بِخِلَافِ بَوْلِ الْحِمَارِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّ الْأَرْضَ تُنَشِّفُهُ حَتَّى رَجَعَ مُحَمَّدٌ آخِرًا إلَى أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الرَّوْثَ وَإِنْ فَحُشَ لَمَّا دَخَلَ الرَّيَّ مَعَ الْخَلِيفَةِ وَرَأَى بَلْوَى النَّاسِ مِنْ امْتِلَاءِ الطُّرُقِ وَالْخَانَاتِ بِهَا، وَقَاسَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِ هَذَا طِينُ بُخَارَى لِأَنَّ مَشْيَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ فِيهَا وَعِنْدَ ذَلِكَ يُرْوَى رُجُوعُهُ فِي الْخُفِّ حَتَّى إذَا أَصَابَتْهُ عَذِرَةٌ يَطْهُرُ بِالدَّلْكِ.
وَفِي الرَّوْثِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الدَّلْكِ عِنْدَهُ، وَلَهُ أَنَّ الْمُوجِبَ لِلْعَمَلِ النَّصُّ لَا الْخِلَافُ، وَالْبَلْوَى فِي النِّعَالِ وَقَدْ ظَهَرَ أَثَرُهَا حَتَّى طَهُرَتْ بِالدَّلْكِ فَإِثْبَاتُ أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى ذَلِكَ يَكُونُ بِغَيْرِ مُوجِبٍ، وَمَا قِيلَ إنَّ الْبَلْوَى لَا تُعْتَبَرُ فِي مَوْضِعٍ لِلنَّصِّ عِنْدَهُ كَبَوْلِ الْإِنْسَانِ مَمْنُوعٌ، بَلْ تُعْتَبَرُ إذَا تَحَقَّقَتْ بِالنَّصِّ النَّافِي لِلْحَرَجِ وَهُوَ لَيْسَ مُعَارَضَةً لِلنَّصِّ بِالرَّأْيِ وَالْبَلْوَى فِي بَوْلِ الْإِنْسَانِ فِي الِانْتِضَاحِ كَرُءُوسِ الْإِبَرِ لَا فِيمَا سِوَاهُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَتَحَقَّقُ بِأَغْلَبِيَّةِ عُسْرِ الِانْفِكَاكِ وَذَلِكَ إنْ تَحَقَّقَ فِي بَوْلِ الْإِنْسَانِ فَكَمَا قُلْنَا، وَقَدْ رَتَّبْنَا مُقْتَضَاهُ إذْ قَدْ أَسْقَطْنَا اعْتِبَارَهُ، ثُمَّ حَدِيثُ رَمْيِ الرَّوْثَةِ هُوَ مَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَتَى النَّبِيُّ ﷺ الْغَائِطَ فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ وَالْتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْ، فَأَخَذْتُ رَوْثَةً فَأَتَيْتُهُ، بِهَا فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ وَقَالَ هَذَا رِكْسٌ» وَأَمَّا الْمُرَادُ بِالنَّصَّيْنِ فِي قَوْلِهِ أَوْ لِتَعَارُضِ النَّصَّيْنِ فَحَدِيثُ «اسْتَنْزِهُوا الْبَوْلَ» وَحَدِيثُ
1 / 204