Fath al-Qadir ala al-Hidayah
فتح القدير على الهداية
Maison d'édition
دار الفكر
Numéro d'édition
الثانية
Lieu d'édition
بيروت
Genres
هو إزالة ما على السبيل من النجاسة فإن كان للمزال به حرمة أو قيمة كره كقرطاس وخرقة وقطنة وخل قيل يورث ذلك الفقر قوله واظب عليه ولذا كان كما ذكر في الأصل سنة مؤكدة ولو تركه صحت صلاته قال في الخلاصة بناء على أن النجاسة القليلة عفو عندنا وعلماؤنا فصلوا بين النجاسة التي على موضع الحدث والتي على غيره في غير موضع الحدث إذا تركها يكره وفي موضعه إذا تركها لا يكره وما عن أنس رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء متفق عليه ظاهر في المواظبة بالماء ومقتضاه كراهة تركه وكذا ما روى ابن ماجة عن عائشة قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من غائط قط إلا مس ماء ولكن لا يخفى أن هذا مشترك الدلالة بين كون المس قبل الخروج أو بعده والمراد أنه صلى الله عليه وسلم ما فرغ من قضاء الحاجة إلا توضأ بيانا لملازمته الوضوء والمطلوب يتم بالحديث الأول قوله وما قام مقامه يعني من الأعيان الطاهرة المزيلة فخرج الزجاج والثلج والآجر والخزف والفحم قوله لأن المقصود الخ يفيد أنه لا حاجة إلى التقييد بكيفية من المذكورة في الكتب نحو إقباله بالحجر في الشتاء وإدباره به في الصيف الاسترخاء الخصيتين فيه لا في الشتاء وفي المجتبى المقصود الإنقاء فيختار ما هو الأبلغ والأسلم عن زيادة التلويث اه فالأولى أن يقعد مسترخيا كل الإسترخاء إلا إن كان صائما والإستنجاء بالماء ولا يتنفس إذا كان صائما ويحترز من دخول الأصبع المبتلة كل ذلك يفسد الصوم وفي كتاب الصوم من الخلاصة إنما يفسد إذا وصل إلى موضع الحقنة وقلما يكون ذلك اه وللمخافة ينبغي أن ينشف المحل قبل أن يقوم ويستحب لغير الصائم أيضا حفظا للثوب من الماء المستعمل ويغسل يديه قبل الإستنجاء وبعده وينبغي أن يخطو قبله خطوات والمقصود أن يستبرىء وفي المبتغى والإستبراء واجب ولو عرض له الشيطان كثيرا لا يلتفت إليه بل ينضح فرجه بماء أو سراويله حتى إذا شك حل البلل على ذلك النضح ما لم يتيقن خلافه ولا يمتخط ولا يبزق ولا يذكر الله تعالى حال جلوسه ولا في ذلك المحل وبالماء البارد في الشتاء أفضل بعد تحقق الإزالة به ولا يدخل الإصبع قيل يورث الباسور والمرأة كالرجل تغسل ما ظهر منها ولو غسلت براحتها كفاها قوله وليستنج الخ روى البيهقي في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما أنا لكم مثل الوالد إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بغائط ولا بول ويستنجي بثلاثة أحجار ونهى عن الروث والرمة وأن يستنجي الرجل بيمينه ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه كلهم بلفظ وكان يأمر بثلاثة أحجار وإنما عزوناه للبيهقي لأنه بلفظ الكتاب وعن عائشة رضي الله عنها عنه صلى الله عليه وسلم قال إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فإنها تجزىء عنه رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وفي رواية فليستطب بثلاثة أحجار رواها الدارقطني وقال إسناده صحيح قوله ولنا قوله عليه الصلاة والسلام الخ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من اكتحل فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ومن استجمر فليوتر ومن فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ومن أكل فما تخلل فليلفظ وما لاك بلسانه فليبتلع ومن فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ومن أتى الغائط فليستتر فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبا من رمل فليستدبره فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج حديث حسن رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه والإيتار يقع على الواحدة فإذا لم يكن حرج في ترك الإيتار لم يكن حرج في ترك الإستنجاء وفيه نظر فإن المنفي على هذا التقدير إنما هو الإيتار ممن استنجى وذلك لا يتحقق إلا بنفي إيتار هو فوق الواحدة فإن بنفي الواحدة ينتفي الإستنجاء فلا يصدق نفي الإيتار مع وجود الإستنجاء فلا يتم الدليل إلا بصرف النفي إلى كل ما ذكر فيدخل فيه أصل الإستنجاء إن أحب ومجرد الإيتار فيه والمعنى من فعل ما قلته كله فقد أحسن ومن لا فلا حرج وما رواه متروك الظاهر فإنه لو استنجى بحجر له ثلاثة أحرف جاز فعلم أن المراد عدد المسحات غير أنه قدر بالثلاث لأن غالب الظن يحصل عنده كما قدره في حديث المستيقظ لا لتحقق المانع في المستيقظ لكن هذا إذا كان الإستجمار خاصا في الإستنجاء لكنه مشترك بينه وبين استعمال الجمر في البخور كما في قولهم تجمر الأكفان في الجنائز واستجمر فلان أي تبخر واستجمر ابن صبيح الكاتب عند المأمون فأدخل رأسه يشم البخور فأمر من يحبسه فاغتم وكان سبب موته في مثل كثيرة يطول نقلها فيكون لفظ الحديث لبيان سنية الإيتار في البخور والتطيب وإن استدل بأن الحجر لا يزيل ولذا ينجس الماء القليل إذا دخله المستنجى به فلقائل أن يمنعه ويقول جاز اعتبار الشرع طهارته بالمسح كالنعل وقد أجروا الروايتين في الأرض تصيبها النجاسة فتجف ثم تبتل والثوب يفرك من المنى ثم يبتل في عدة نظائر قدمناها وقياسه أن يجريا أيضا في السبيل اللهم إلا أن يكون إجماع في التنجس بدخول المستنجى به ثم المختار عند كثير في تلك النظائر أن لا يعود نجسا وقياس قولهم أن لا يعود السبيل نجسا ويلزمه أن لا ينجس الماء وقد صرح باختلاف في تنجس السبيل بإصابة الماء فعلى أحد القولين لا ينجس الماء صريحا هذا وأجمع المتأخرون أنه لا ينجس بالعرق حتى لو سال العرق منه وأصاب الثوب والبدن أكثر من قدر الدرهم لا يمنع والذي يدل على اعتبار الشارع طهارته بالحجر ونحوه ما روى الدارقطني عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يستنجى بروث أو عظم وقال إنهما لا يطهران وقال إسناده صحيح فعلم أن ما أطلق الإستنجاء به يطهر إذ لو لم يطهر لم يطلق الإستنجاء به بحكم هذه العلة قوله لقوله تعالى الخ لا يطابق المدلول وهو أن الماء أفضل ما ذكر بل مقتضاه أن الجمع أفضل وهو لا يستلزم أفضلية الماء منفردا ثم هو حديث رواه البزار وقال لا نعلم أحدا رواه عن الزهري إلا محمد بن عبدالعزيز ولا نعلم أحدا روى عنه إلا ابنه اه وقال ابن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال هم ثلاثة إخوة محمد بن عبدالعزيز وعبدالله بن عبدالعزيز وعمران بن عبدالعزيز وهم ضعفاء في الحديث ليس لهم حديث مستقيم والذي يطابق المدلول حديث ابن ماجة عن طلحة بن نافع قال أخبرني أبو أيوب وجابر بن عبدالله وأنس بن مالك لما نزلت
﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا﴾
قال صلى الله عليه وسلم يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم في الطهور فما طهوركم قالوا نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة ونستنجي بالماء قال هو ذاكم فعليكموه وسنده حسن وإن كان عتبة بن حكيم فيه مقال ضعفه النسائي وعن ابن معين فيه روايتان وقال أبو حاتم صالح الحديث وقال ابن عدي أرجو أنه لا بأس به وأخرج الحاكم الحديث وصححه والحاصل أن الجمع أفضل ثم الماء ثم غيره قوله وقيل هو أي استعمال الماء سنة في زماننا قاله الحسن البصري فقيل له إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يتركونه فقال إنهم كانوا يبعرون بعرا وأنتم تثلطون ثلطا ورواه البيهقي في سننه عن علي رضي الله عنه قال إن من كان قبلكم كانوا يبعرون بعرا وأنتم تثلطون ثلطا فأتبعوا الحجارة الماء هذا والنظر إلى ما تقدم أول الفصل من حديث أنس وعائشة رضي الله عنهما يفيد أن الإستنجاء بالماء سنة مؤكدة في كل زمان لإفادته المواظبة وإنما يستنجي بالماء إذا وجد مكانا يستر فيه نفسه ولو كان على شط نهر ليس فيه سترة لو استنجى بالماء قالوا يفسق وكثيرا ما يفعله عوام المصلين في الميضأة فضلا عن شاطىء النيل قوله موسوسا بكسر الواو لأنها حديث النفس فهو نفسه يتحدث وإذا فتح وجب وصله فيقال موسوسا إليه أي تلقى إليه الوسوسة وفيما نقل أيضا تقديره بعشر مرات أي صبات للماء وفي الخلاصة منهم من شرط الثلاث ومنهم من شرط السبع ومنهم من شرط العشرة ومنهم من وقت في الإحليل ثلاثا وفي المقعدة خمسا والصحيح أنه مفوض إلى رأيه فيغسل حتى يقع في قلبه أنه طهر اه وكان المراد بالإشتراط الإشتراط في حصول السنة وإلا فترك الكل لا يضره عندهم قوله لسقوط اعتبار ذلك الموضع تقدم أن كون قدر الدرهم ليس مانعا مأخوذ من سقوط غسل أحد السبيلين ومعنى هذا ليس إلا أنه سقط شرعا بدليله فعرفنا ذلك الدليل أن قدره وهو الدرهم معفو عنه شرعا وإذا كان هو المعرف فسقوطه أيضا هو لأنه قدره فيلزم الغسل إذا زاد بالأصل غاية ما فيه أنه أول محل عرفنا ذلك وهو لا يقتضي أن يعتبر فيه درهم آخر معه وإلا لقيل في غيره أيضا مقدار الدرهم ساقط فيعتبرالقدر المانع وراءه وهو باطل وإذا لم يسقط الزائد لا يجزىء فيه الحجر وفي الخلاصة وإن خرج القيح أو الدم من ذلك الموضع لا يكفيه الحجر هذا إذا كانت النجاسة التي على موضع الإستنجاء قدر الدرهم أو أقل فإن كانت أكثر عن أبي حنيفة يكفيه الحجر وعن محمد لا يكفيه وعن أبي يوسف روايتان قوله نهى عن ذلك فيكره ويصح روى البخاري من حديث أبي هريرة قال له النبي صلى الله عليه وسلم ابغني أحجارا أستنفض بها ولا تأتني بعظم ولا بروثة قلت ما بال العظام والروثة قال هما من طعام الجن وروى الترمذي لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاد إخوانكم من الجن وعلى هذا القائل أن يستدل على طهارة الأرواث كقول مالك بهذا فإنه لو كان نجسا لم يحل طعاما للجن إذ الشريعة العامة لم تختلف في حق النوعين من المكلفين إلا بدليل والجواب قد وجد الدليل وهو قوله فيها ركس أو رجس ولا يجزيه الإستنجاء بحجر استنجى به مرة إلا أن يكون له حرف آخر لم يستنج به قوله لأنه إسراف وإهانة وإذا كرهوا وضع المملحة على الخبز للإهانة فهذا أولى فلو فعل فأنقى أتم وطهر المحل على إحدى الروايتين في جواز المائع في البدن وكذا بالعظم قوله نهى عن الإستنجاء باليمين عن أبي قتادة قال إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه ولا يستنجي بيمينه ولا يتنفس في الإناء متفق عليه = كتاب الصلاة
Page 216