90

Fath Mughith

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث

Enquêteur

علي حسين علي

Maison d'édition

مكتبة السنة

Édition

الأولى

Année de publication

1424 AH

Lieu d'édition

مصر

مُخْرِجِهِ) أَيْ: أَبِي دَاوُدَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ كَذَلِكَ، [وَيُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُ الْمُنْذِرِيِّ فِي خُطْبَةِ التَّرْغِيبُ: وَكُلُّ حَدِيثٍ عَزَوْتُهُ إِلَى أَبِي دَاوُدَ وَسَكَتَ عَلَيْهِ، فَهُوَ كَمَا ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ لَا يَنْزِلُ عَنْ دَرَجَةِ الْحَسَنِ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. انْتَهَى.
فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ وُجُودَ الصَّحِيحِ فِيهِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي آخِرِ الْفُصُولِ الَّتِي بِأَوَّلِ أَذْكَارِهِ: وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ ضَعْفَهُ، فَهُوَ عِنْدَهُ صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ]، وَيُسَاعِدُهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ أَفْعَلَ فِي قَوْلِهِ: " أَصَحُّ مِنْ بَعْضٍ " يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ غَالِبًا.
فَالْمَسْكُوتُ عَلَيْهِ إِمَّا صَحِيحٌ أَوْ أَصَحُّ، إِلَّا أَنَّ الْوَاقِعَ خِلَافُهُ، وَلَا مَانِعَ مِنَ اسْتِعْمَالِ " أَصَحَّ " بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، بَلْ قَدِ اسْتَعْمَلَهُ كَذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمُ التِّرْمِذِيُّ ; فَإِنَّهُ يُورِدُ الْحَدِيثَ مِنْ جِهَةِ الضَّعِيفِ، ثُمَّ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ، وَيَقُولُ عَقِبَ الثَّانِي: إِنَّهُ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ فُلَانٍ الضَّعِيفِ.
وَصَنِيعُ أَبِي دَاوُدَ يَقْتَضِيهِ لِمَا فِي الْمَسْكُوتِ عَلَيْهِ مِنَ الضَّعِيفِ بِالِاسْتِقْرَاءِ، وَكَذَا هُوَ وَاضِحٌ مِنْ حَصْرِهِ التَّبْيِينَ فِي الْوَهَنِ الشَّدِيدِ ; إِذْ مَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الشَّدِيدِ لَا يُبَيِّنُهُ.
وَحِينَئِذٍ فَالصَّلَاحِيَةُ فِي كَلَامِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ لِلِاحْتِجَاجِ أَوِ الِاسْتِشْهَادِ، فَمَا ارْتَقَى إِلَى الصِّحَّةِ ثُمَّ إِلَى الْحُسْنِ، فَهُوَ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَمَا عَدَاهُمَا فَهُوَ بِالْمَعْنَى الثَّانِي، وَمَا قَصُرَ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ الَّذِي فِيهِ وَهَنٌ شَدِيدٌ، وَقَدِ الْتَزَمَ بَيَانَهُ، وَقَدْ تَكُونُ الصَّلَاحِيَةُ عَلَى ظَاهِرِهَا فِي الِاحْتِجَاجِ، وَلَا يُنَافِيهِ وُجُودُ الضَّعِيفِ ; لِأَنَّهُ - كَمَا سَيَأْتِي - يُخَرِّجُ الضَّعِيفَ إِذَا لَمْ يَجِدْ فِي الْبَابِ غَيْرَهُ، وَهُوَ أَقْوَى عِنْدَهُ مِنْ رَأْيِ الرِّجَالِ ; وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إِنَّ كُلَّ مَا سَكَتَ عَلَيْهِ صَحِيحٌ عِنْدَهُ، لَا سِيَّمَا إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَابِ غَيْرُهُ.
عَلَى أَنَّ فِي قَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ: وَقَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مَا لَيْسَ بِحَسَنٍ عِنْدَ غَيْرِهِ - مَا يُومِئُ إِلَى التَّنْبِيهِ لِمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ رُشَيْدٍ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ

1 / 104