149

Fath Mughith

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث

Enquêteur

علي حسين علي

Maison d'édition

مكتبة السنة

Édition

الأولى

Année de publication

1424 AH

Lieu d'édition

مصر

وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ: «وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوَةَ، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» وَقَوْلُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: «مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ ﷺ» .
لَكِنْ قَدْ جَوَّزَ شَيْخُنَا فِي ذَلِكَ وَمَا يُشْبِهُهُ احْتِمَالَ إِحَالَةِ الْإِثْمِ عَلَى مَا ظَهَرَ مِنَ الْقَوَاعِدِ، بَلْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ; أَمَّا السَّاحِرُ: فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [الْبَقَرَةِ: ١٠٢] .
وَأَمَّا الْعَرَّافُ، وَهُوَ الْمُنَجِّمُ: فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [النَّمْلِ: ٦٥] .
قَالَ شَيْخُنَا: (لَكِنَّ الْأَوَّلَ - يَعْنِي الْحُكْمَ لَهَا بِالرَّفْعِ - أَظْهَرُ) . انْتَهَى.
عَلَى أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ - وَإِنْ جَاءَ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْهُ بِصُورَةِ الْمَوْقُوفِ - فَقَدْ جَاءَ مِنْ بَعْضِهَا بِالتَّصْرِيحِ بِالرَّفْعِ، وَمِنَ الْأَدِلَّةِ لِلْأَظْهَرِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁ حَدَّثَ كَعْبَ الْأَحْبَارِ بِحَدِيثِ: " فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، لَا يُدْرَى مَا فَعَلَتْ "، فَقَالَ لَهُ كَعْبٌ: (أَأَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُهُ؟) فَقَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَعَمْ، وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِرَارًا، فَقَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَفَأَقْرَأُ التَّوْرَاةَ؟ ! أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي: " الْجِنِّ " مِنْ بَدْءِ الْخَلْقِ مِنْ صَحِيحِهِ.
قَالَ شَيْخُنَا: فِيهِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَكُنْ يَأْخُذُ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَأَنَّ الصَّحَابِيَّ الَّذِي يَكُونُ كَذَلِكَ إِذَا أَخْبَرَ بِمَا لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ فِيهِ، يَكُونُ لِلْحَدِيثِ حُكْمُ الرَّفْعِ. انْتَهَى.
وَهَذَا يَقْتَضِي تَقْيِيدَ الْحُكْمِ بِالرَّفْعِ ; لِصُدُورِهِ عَمَّنْ لَمْ يَأْخُذْ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ،

1 / 163