Fath Mughith
فتح المغيث بشرح ألفية الحديث
Chercheur
علي حسين علي
Maison d'édition
مكتبة السنة
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1424 AH
Lieu d'édition
مصر
Genres
Science du hadith
وَكَذَا مَا أَبْدَاهُ الْكَرْخِيُّ مِنَ الِاحْتِمَالَاتِ فِي الْمَنْعِ أَيْضًا بَعِيدٌ - كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا - " فَإِنَّ أَمْرَ الْكِتَابِ ظَاهِرٌ لِلْكُلِّ، فَلَا يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ الْوَاحِدُ دُونَ غَيْرِهِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّنَزُّلِ فَهُوَ مَرْفُوعٌ ; لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ وَغَيْرَهُ إِنَّمَا تَلَقَّوْهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ وَأَمْرُ الْأُمَّةِ لَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ مِنَ الْأُمَّةِ، وَهُوَ لَا يَأْمُرُ نَفْسَهُ.
وَأَمْرُ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ إِنْ أَرَادَ مِنَ الصَّحَابَةِ مُطْلَقًا فَبَعِيدٌ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ مِنْهُمْ، وَإِنْ أَرَادَ مِنَ الْخُلَفَاءِ فَكَذَلِكَ ; لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ فِي مَقَامِ تَعْرِيفِ الشَّرْعِ بِهَذَا الْكَلَامِ وَالْفَتْوَى، فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ صَدَرَ مِنْهُ الشَّرْعُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَهُمْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ لَا يَحْتَجُّونَ بِأَمْرِ مُجْتَهِدٍ آخَرَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ لَيْسَ مِنْ مُجْتَهِدِي الصَّحَابَةِ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُرِيدُ بِالْآمِرِ أَحَدَ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْهُمْ.
وَحَمْلُهُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِنْبَاطِ بَعِيدٌ أَيْضًا ; لِأَنَّ قَوْلَهُ: " أُمِرْنَا بِكَذَا " يُفْهَمُ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، لَا خُصُوصُ الْأَمْرِ بِاتِّبَاعِ الْقِيَاسِ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي الصِّدِّيقِ فَهُوَ - كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ - مَقْبُولٌ، وَإِنْ تَأَمَّرَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي غَزْوَةِ " ذَاتِ السَّلَاسِلِ " عَلَى جَيْشٍ فِيهِ الشَّيْخَانِ، أَرْسَلَ بِهِمَا النَّبِيُّ ﷺ فِي مَدَدٍ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِ أَبَا عُبَيْدَةَ الْجَرَّاحَ، فَلَمَّا قَدِمَ بِهِمْ عَلَى عَمْرٍو صَارَ الْأَمِيرَ، بَلْ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَمِيرَ سَرِيَّةِ " الْخَبَطِ " عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فِيهِمْ عُمَرُ، وَأَظُنُّ أَبَا بَكْرٍ أَيْضًا.
وَكَذَا «تَأَمَّرَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَلَى جَيْشٍ هُمَا فِيهِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَخَلْقٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَتُوُفِّيَ ﷺ قَبْلَ خُرُوجِهِ، فَأَنْفَذَهُ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ أَنِ اسْتُخْلِفَ ; امْتِثَالًا لِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ» .
وَقِيلَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ سَأَلَ أُسَامَةَ أَنْ يَأْذَنَ لِعُمَرَ فِي الْإِقَامَةِ، فَأَذِنَ لَهُ، وَفِي شَرْحِهَا طُولٌ.
1 / 145