Fath al-Majeed Sharh Kitab al-Tawheed - Hatiba

Ahmad Hatiba d. Unknown
66

Fath al-Majeed Sharh Kitab al-Tawheed - Hatiba

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد - حطيبة

Genres

ذكر الأدلة الواردة في الخوف من الشرك من الكتاب والسنة الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين. قال المؤلف رحمه الله تعالى: (باب الخوف من الشرك، وقول الله ﷿: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء:٤٨]، وقال الخليل ﵊: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ﴾ [إبراهيم:٣٥]، وفي الحديث (أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فسئل عنه فقال: الرياء)، وعن ابن مسعود ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: (من مات وهو يدعو من دون الله ندًا دخل النار)، رواه البخاري. ولـ مسلم عن جابر ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: (من لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئًا دخل النار» هذا الباب الرابع من كتاب التوحيد وفيه الخوف من الشرك. وكل إنسان مسلم يخاف على نفسه من أن يشرك بالله ﷾، لأن الله يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء:٤٨] فالشرك أعظم جريمة يقع فيها الإنسان في حق الله سبحانه؛ ولذلك لا يغفره الله تعالى. أما ما دونه من الذنوب ولو كان من الكبائر فالله ﷿ يغفرها قال تعالى: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء:٤٨]، فلما ذكر هنا الشرك -الذي هو أكبر الكبائر- ذكر أن غيره من الذنوب يغفرها الله ﷾. وإذا تاب العبد فيقينًا أن يغفر الله له ذنوبه وكبائره، أما إذا لم يتب فهو تحت المشيئة إن شاء الله تاب عليه، وإن شاء عذبه. وقد جاء عن النبي ﷺ تسمية الشرك وبعض الكبائر بالموبقات المهلكات فقال: (اتقوا السبع الموبقات المهلكات، قيل: وما هن يا رسول الله! قال: الشرك بالله، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات). فهذه كبائر عظيمة وأعظمها الشرك بالله ﵎. يقول ابن القيم ﵀: إن الله تعالى أخبر أنه لا يغفر لمن لم يتب من الشرك، أما ما دونه من الذنوب؛ فيغفرها الله وذلك يوجب للعبد شدة الخوف من الشرك الذي هذا شأنه؛ لأنه أقبح القبيح، وأظلم الظلم أن يظلم الإنسان نفسه بالشرك بالله سبحانه ﵎؛ لأن فيه تنقيص من رب العالمين سبحانه، وصرف خالص حق الله ﷿ لغيره. وفيه العدل فيعدل بربه غيره قال سبحانه: ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ [الأنعام:١]، يعني: يجعلون معه من يعادله، حاشا لله ﷾. ذلك لأن الشرك ناقض للمقصود بالخلق والأمر، فالله ﷿ وحده التفرد بالخلق، وله وحده الأمر قال تعالى: ﴿أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾ [الأعراف:٥٤] فكما أنه تفرد بخلق المخلوقات جميعها كذلك تفرد بالأمر والتشريع؛ فهو الذي يأمر وهو الذي ينهى ﷾. يقول ابن القيم ﵀: (لأنه مناقض للمقصود بالخلق والأمر، مناف له من كل وجه، وذلك غاية المعاندة لرب العالمين، والاستكبار عن طاعة الله سبحانه، والذل له والانقياد لأوامره الذي لا صلاح للعالم إلا به. فمتى قال ذلك خربت الديار وقامت القيامة). فاستدل بقول النبي ﷺ: (لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله)، فإذا صار الكفار فقط على وجه الأرض خربت الدنيا، ومن ذلك أيضًا قول النبي ﷺ: (لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق يتهارجون تهارج الحمر)، ومعنى يتهارجون قيل: يتقاتلون، وقيل: يقع بعضهم على بعض في الزنا واللواط ويقتل بعضهم بعضًا، فهذا هو الهرج.

6 / 2