Fath al-Majeed Sharh Kitab al-Tawheed - Hatiba
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد - حطيبة
Genres
مسائل مستفادة من حديث معاذ في بيان حق الله على العبيد وحق العبيد على الله
يقول الشيخ بعد أن ذكر هذا الحديث: فيه مسائل يعني فوائد يذكرها في الباب: المسالة الأولى: الحكمة في خلق الجن والإنس.
أي: لماذا خلق الله الجن والإنس؟ قال: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:٥٦] فإذًا: أنت مخلوق في الدنيا لعبادة الله بالمعنى الأعم، وليس المعنى أنك مخلوق من أجل أن تصلي فقط، فتظل الليل والنهار تصل أو لأجل أن تصوم فقط لا، ولكن تعبد الله ﷾ بكل أنواع العبادة، سواء كانت معاملات، أو أحوالًا شخصية، فتعبد الله سبحانه في كل شيء بتنفيذ ما أمر وبالبعد عما نهى الله ﷾ عنه.
المسألة الثانية: أن العبادة هي التوحيد؛ لأن الخصومة بين النبي ﷺ وبين المشركين وقعت فيه، فكان يقول لهم: (قولوا لا إله إلا الله) يا بني عبد مناف يا بني فلان، يا بني فلان، فلما اجتمعوا عليه قال: قولوا كلمة واحدة أضمن لكم بها الجنة، قالوا: نقول عشر كلمات، تريد ماذا؟ قال: قولوا: لا إله إلا الله، فقالوا: إلا هذه، ففهم المشركون منها ما لم يفهمه الكثير من الناس، فقد فهموا أن لا إله إلا الله معناها التزام بشيء بعد ذلك، وطالما أن هناك التزامًا فلن نقول هذه الكلمة، يقول الحافظ ابن حجر: اقتصر على نفي الإشراك بالله لأنه يستدعي التوحيد، لا تشرك بالله يعني اعبده وحده لا شريك له سبحانه، ويستدعي إثبات الرسالة باللزوم، فلن نعرف التوحيد الخالص، ولن نعرف ما يريده الله لنعبده به إلا بأن نصدق النبي ﷺ فنتبع ما يقوله صلوات الله وسلامه عليه.
إذًا: كلمة التوحيد أصل الأصول، وعند وفاة أبي طالب كان النبي ﷺ يقول له: (يا عم قلها كلمة واحدة، أشهد لك بها عند الله، فقال: والله لوددت يا ابن أخي أن أقر بها عينك، لولا أن يقولوا: خاف الموت)، إن لم تخف من الموت فستخاف من ماذا؟ كل الخلق يخافون من الموت، فهو خاف أن يقولوا: خاف من الموت، وشاء الله ﷿ أن يختم له بالكفر، فمات على ذلك فصار من أهل النار كما ذكر النبي ﷺ.
المسألة الثالثة: أن من لم يأت به لم يعبد الله.
من لم يأت بكلمة التوحيد لا إله إلا الله ومقتضى ذلك: توجيه كل العبادة إلى الله ﷾ وفيه معنى قوله: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ [الكافرون:١ - ٣] أي: أنا أعبد الله سبحانه، وأنتم تعبدون مع الله غيره فأنا لا أعبد ما تعبدون ولستم أنتم على التوحيد الذي أنا عليه ولا أنا عابد في المستقبل ما أنتم عليه ولا أنتم ستعبدون ما أعبد وأنتم على هذا الحال لكم دينكم ولي دين.
المسألة الرابعة: الحكمة في إرسال الرسل عبادة الله، وتعريف العباد بحق الله سبحانه وبما يحبه الله ﷾ وما يبغضه، وتعريف العباد بمنهج الله وشرائعه.
المسألة الخامسة: أن الرسالة عمت كل أمة، والنبي ﷺ أرسل إلى الخلق جميعهم صلوات الله وسلامه عليه، وكل نبي كان يبعث إلى قومه خاصة، فالله ﷿ لم يترك أمة من الأمم إلا وأرسل إليها من يعلمها رسولًا كان أو نبيًا وجاء النبي ﷺ فكان للخلق جميعهم.
المسألة السابعة: أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت وهو قوله سبحانه: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ [البقرة:٢٥٦] وشهادة أن لا إله إلا الله تقتضي الكفر بالطاغوت والتخلي عن جميع ما يعبد من دون الله ﷾، فلا ينفع الإنسان أن يقول أنه يعبد الله ويعبد غير الله معه فقد كان المشركون يقولون: نعبد الذي ينفعنا ويضرنا في السماء ومعه غيره فلم تنفعهم هذه العبادة.
المسألة الثامنة: أن الطاغوت عام في كل ما عبد من دون الله سبحانه فذكرنا من أصنافه الشياطين، والذي يبدل شرع الله سبحانه، ومن يستحل الحكم بغير دين الله سبحانه، والكاهن والساحر والعراف كلهم من الطواغيت.
المسألة التاسعة: عظم شأن الآيات المحكمات الثلاث في سورة الأنعام التي بدأها الله ﷿ بالنهي عن الشرك.
المسألة العاشرة: الآيات المحكمات في سورة الإسراء وفيها ثماني عشرة مسألة بدأها بقوله: ﴿لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا﴾ [الإسراء:٢٢]، إلى آخره.
المسألة الحادية عشرة: آية سورة النساء التي تسمى آية الحقوق بدأها الله ﷿ بقوله: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [النساء:٣٦].
المسألة الثانية عشرة: التنبيه على وصية رسول الله ﷺ عند موته بعبادة الله، وأن من عبد الله سبحانه ﵎ استحق أن يكون في الجنة.
المسألة الثالثة عشرة: معرفة حق الله علينا.
المسألة الرابعة عشرة: معرفة حق العباد على الله ﷿ إذا أدوا حقه بالتوحيد فإن الله ﷿ يدخلهم الجنة.
المسألة الخامسة عشرة: أن هذه المسألة لا يعرفها أكثر الصحابة.
يعني: النبي ﷺ أخبر بها معاذًا، وأخبر بها أبا هريرة وعرفها عمر ﵁، وعرفها البعض ولكن الكثيرون لم يعرفوها، حتى لا يتكلوا على هذه الكلمة وهذه كلمة عظيمة وسبب لدخول الجنة ولكن مع معرفة مقتضى هذه الكلمة.
المسألة السادسة عشرة: جواز كتمان العلم للمصلحة، فيكتم العلم لعدم فهم الناس له مثلًا وغيرها من المصالح، فكان أحيانًا يكتم الشيء للمصلحة ولكن لا يكتمه عن الجميع، إنما يكتم عن البعض كهذه الكلمة التي أخبر بها النبي بعضًا من أصحابه ولم يخبر الجميع خوفًا من أن يتكلوا وإن جاءت أحاديث كثيرة عنه ﷺ في قول من قال لا إله إلا الله دخل الجنة، مثل قوله: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة أصابه قبل ذلك ما أصابه) لكن ينبغي أن توضح أنه ليس بمجرد كلمة لا تفهم معناها بل عليك أن تعرف معناها ومقتضياتها حتى تستحق ذلك.
السابعة عشرة: استحباب بشارة المسلم بما يسره كما بشر النبي ﷺ أصحابه أو معاذًا بذلك.
المسألة الثامنة عشرة: الخوف من الاتكال على سعة رحمة رب العالمين، والله رحمته واسعة، فلو أن إنسانًا قال: أنا لن أصلي ولن أزكي ولن أعمل شيئًا لأن الله رحيم فنقول له: الله هو الذي أخبر: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ﴾ [الحجر:٤٩ - ٥٠] فلا تأخذ جزءًا من الآية وتنسى الباقي، فالله غفور رحيم وهو شديد العقاب قال: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ﴾ [البروج:١٢ - ١٤] فبطشه شديد وهو الغفور الودود، فتأخذ بالقرآن كله وليس ببعضه.
المسألة التاسعة عشرة: قول المسئول عما لا يعلم: الله ورسوله أعلم، أو يقول: لا أعلم، أو يقول: لا أدري.
العشرون: جواز تخصيص بعض الناس بالعلم دون بعض، إذ ليس كل علم يعرفه كل الناس، ولكن قد يعلم البعض ما يفهمون ويعلم الآخرون الذي يفهمونه أيضًا.
المسألة الحادية والعشرون: تواضعه ﷺ لركوبه الحمار، وأحيانًا كان يركب البغل صلوات الله وسلامه عليه وأحيانًا يركب الجمل.
المسألة الثانية والعشرون: جواز الإرداف على الدابة وهذا إذا كانت الدابة مطيقة، وإذا كانت لا تطيق فلا يجوز.
2 / 6