ذلك والكلام في تفاصيل المعرفة التامة بالقلب (١) - فلما زادت معرفة الرسول (١٩١ - أ / ف) بربه زادت خشيته له وتقواه، فإن العلم التام يستلزم الخشية كما قال تعالى ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾ [فاطر: ٢٨] فمن كان بالله وبأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه أعلم كان له أخشى وأتقى،، إنما تنقص الخشية والتقوى بحسب نقص المعرفة بالله. وقد خرج البخاري في آخر " صحيحه " عن مسروق قال: قالت عائشة: صنع النبي ﷺ شيئا ترخص فيه وتنزه عنه قوم، فبلغ ذلك النبي ﷺ فحمد الله ثم قال: " ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه؟ ! فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدهم خشية " (٢) .
وفي " صحيح مسلم " عن عائشة أن رجلا قال لرسول الله ﷺ: يا رسول الله! إني أصبح جنبا وأنا أريد الصيام، فقال رسول الله ﷺ: " وأنا أصبح جنبا وأنا أريد الصيام فأغتسل وأصوم " فقال الرجل: يا رسول الله! إنك لست مثلنا، قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فغضب رسول الله ﷺ وقال: " إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي " (٣) . وفي حديث أنس أن ثلاث رهط جاءوا إلى بيوت أزواج النبي ﷺ يسألون عن عبادة رسول الله ﷺ فلما أخبروا بها كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي ﷺ؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر: أصوم الدهر ولا