157

Fath al-Bari en commentaire de Sahih al-Bukhari

فتح الباري شرح صحيح البخاري

Enquêteur

مجموعة من المحقيقين

Maison d'édition

مكتبة الغرباء الأثرية

Édition

الأولى

Année de publication

1417 AH

Lieu d'édition

المدينة النبوية

ولا يستبعد إثابة المسلم في الآخرة بما عمل قبل إسلامه من الحسنات؛ فإنه لابد أن يثاب عليها في الدنيا. وفي إثابته عليها في الآخرة بتحقيق العذاب نزاع مشهور. فإذا لم يكن بد من إثابته فلا يستنكر أن يثاب عليها بعد إسلامه في الآخرة؛ لأن المانع من إثابته عليها في الآخرة هو الكفر، وقد زال. وقد يستدل (١) لهذا – أيضا – بقول الله ﷿ في قصة أسارى بدر ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى (٢) إِن يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ [الأنفال: ٧٠] وقد كان العباس بن عبد المطلب – وهو من جملة هؤلاء الأسارى – يقول: أما أنا فقد آتاني الله خيرا مما أخذ مني ووعدني المغفرة (٣) . فهذه الآية تدل على أن الكافر إذا أصيب بمصيبة في حال كفره ثم أسلم فإنه يثاب على مصيبته، فلأن يثاب على ما سلف منه من أعماله الصالحة أولى؛ فإن المصائب يثاب على الصبر عليها والرضى بها، وأما نفس المصيبة (٢٠٢ – ب / ف) فقد قيل: إنه يثاب عليها، وقيل: إنه لا يثاب عليها؛ وإنما يكفر عنه ذنوبه. وهذا هو المنقول عن كثير من الصحابة.
والمعنى الثاني – مما يفسر به إحسان الإسلام -: أن تقع طاعات المسلم

(١) في " ف" بالمثناه الفوقية والموافق للسياق ما أثبتناه.
(٢) وهي قراءة أبي عمرو، وانفرد بها دون السبعة. قال أبو عطية في " تفسيره " (٨ / ١١٧) .
(٣) أخرج هذا الأثر: ابن جرير في " تفسيره " (١٠ / ٣٥)

1 / 161