151

Fath al-Bari en commentaire de Sahih al-Bukhari

فتح الباري شرح صحيح البخاري

Enquêteur

مجموعة من المحقيقين

Maison d'édition

مكتبة الغرباء الأثرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1417 AH

Lieu d'édition

المدينة النبوية

تركه ما لا يعنيه (١) فكمال حسن إسلامه – حينئذ – بترك ما لا يعنيه وفعل ما يعنيه. ومنه حديث ابن مسعود الذي خرجاه في" الصحيحين " أن النبي ﷺ سئل: أنؤاخذ بأعمالنا في الجاهلية؟ فقال: " من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر" (٢) . فإن المراد بإحسانه في الإسلام: فعل واجباته والانتهاء عن محرماته، وبالإساءة في الإسلام: ارتكاب بعض محظوراته التي كانت ترتكب في الجاهلية.
وفي حديث ابن مسعود هذا حديث أبي سعيد – الذي علقه البخاري هنا في أول الباب (٣) – دليل على أن الإسلام إنما يكفر ما كان قبله من الكفر ولواحقه التي اجتنبها المسلم بإسلامه، فأما الذنوب التي فعلها في الجاهلية إذا أصر عليها في الإسلام فإنه يؤاخذ بها، فإنه إذا أصر عليها في الإسلام لم يكن تائبا منها فلا يكفر عنه بدون التوبة منها.
وقد ذكر ذلك طوائف من العلماء من أصحابنا كأبي بكر بن عبد العزيز ابن جعفر وغيره، وهو قول طوائف من المتكلمين من المعتزلة وغيرهم وهو اختيار الحليمي.

(١) الترمذي (٢٣١٧)، وابن ماجه (٣٩٧٦)، وراجع " علل ابن أبي حاتم " (٢/ ١٣٢)، " وعلل الدارقطني) (٨ / ٢٥ – ٢٨) وقد تكلم المصنف عليه بتوسع في بيان أن الصواب فيه الإرسال، في كتابه الحفيل " جامع العلوم والحكم " (١ / ٢٨٥) – طبعتنا.
(٢) (فتح: ٦٩٢١)، ومسلم (١٢٠) .
(٣) قال: قال مالك، عن زيد.

1 / 155