امرأة طلبت من القاضي أن يفرض لها على زوجها النفقة إن كان الزوج صاحب مائدة وطعام كثير لا يفرض لها النفقة وإن لم يكن كذلك يفرض لها النفقة بالمعروف شهرا شهرا قال مشايخنا رحمهم الله تعالى ذلك يختلف باختلاف حال الزوج إن كان محترفا يفرض عليه النفقة يوما يوما لأنه عسى لا يقدر على تعجيل نفقة الشهر دفعة واحدة وإن كان من التجار يفرض عليه شهرا فشهرا وإن كان من الدهاقين بفرض سنة فسنة ينظر إلى ما كان أيسر ويفرض الكسوة في السنة مرتين في كل في كل ستة أشهر كسوة وإذا قرض القاضي على الزوج لا تطالبه بنفقة ما مضى من الزمان قبل الفرض لان عندنا لا تصير النفقة دينا إلا بالقضاء أو بالقاضي فإن كانت المرأة استدانت قبل الفرض وأنفقت على نفسها لا ترجع بذلك على الزوج وإن فرض لها القاضي أو صالحت زوجها من النفقة على شيء معلوم كل شهر فلم ينفق عليها حتى أنفقت من مال نفسها لو استدانت رجعت بذلك على الزوج أمرها القاضي بالاستدانة أو لم يأمر ولو صالحت زوجها من النفقة على ما لا يكفيها كان لها أن ترجع عن ذلك الصلح وتطلب الكفاية وإن فرض لها القاضي الكسوة لستة أشهر وأعطاها فضاعت الكسوة أو سرقت لا يقضي لها بكسوة أخرى ما لم يمض ستة أشهر وكذا لو لبست الكسوة لبسا معتادا فتخرقت قبل مضي المدة ولو لبست لبسا معتادا فتخرقت قبل الوقت قضى القاضي لها بكسوة أخرى وإن مضت المدة والكسوة قائمة إن لم تلبسها في تلك المدة يقضي لها بكسوة أخرى وكذا لو لبست تلك الكسوة ومعها ثوب آخر قضى القاضي بكسوة أخرى وإن لم تلبس معها ثوبا آخر فمضت المدة والكسوة قائمة لا يقضي بكسوة أخرى ما لم تتحرق تلك الكسوة وكذا النفقة على هذه التفاصيل إن هلكت أو سرقت أو أكلت وأسرقت ولم يبق قبل مضي المدة لا يقضي بنفقة أخرى وإن لم تسرف فلم تبق يقضي القاضي بالكسوة والنفقة على قدر يسار الرجل وقدرته فإن قال الرجل أنا معسر وعلي نفقة المعسرين كان القول قوله إلا أن تقيم المرأة البينة وفي ثمن المبيع والقرض إذا ادعى المديون أنه معسر لا يقبل قوله قالوا وكذلك في المهر والكفالة وقال بعض الناس يحكم الرأي فإن أقامت المرأة البينة أنه موسر قضي عليه بنفقة الموسرين وإن أقاما البينة كانت البينة بينة المرأة وإن لم تكن لها بينة وطلبت من القاضي إن يسأل عن حال الرجل لا يجب عليه السؤال وإن سأل كان حسنا وإن أخبره عدل أنه موسر لا يقبل القاضي ذلك وإ، أخبره عدلان أنه موسر قضى القاضي بنفقة الموسرين وإن لم يتلفظ بلفظ الشهادة ويشترط العدد والعدالة في هذا الخبر ولا يشترط فيه لفظة الشهادة وإن قالا سمعنا أنه موسر أو بلغنا ذلك لا يقبل القاضي ذلك ولو قضى القاضي على الزوج بنفقة المعسرين ثم أيسر فخاصمته إلى القاضي عليه بنفقة الموسرين لأن النفقة تجب ساعة فساعة وهو نظير ما لو شرع في صوم الكفارة ثم أيسر كان عليه التكفير بالمال وكذا لو فرض القاضي عليه النفقة بالدراهم وهي لا تكفيها فإن القاضي يزيد في النفقة ولو قضى القاضي عليه بالنفقة فغلا الطعام أو رخص فإن القاضي يغير ذلك الحكم ولو قالت المرأة أنه يريد السفر فخذ لي كفيلا بالنفقة قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يجبره القاضي على إعطاء الكفيل كما لا يجير القاضي على إعطاء الكفيل بالدين المؤجل إذا خاف الطالب أن يغيب المديون قبل حلول الأجل وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه ياخذ من الزوج كفيلا بالنفقة وهكذا عن محمد رحمه الله تعالى في بعض الروايات ثم عند أبي يوسف رحمه الله تعالى في رواية أن القاضي يسأل الزوج كم تغيب فإن قال شهرا يأخذ منه كفيلا بنفقة شهرا يأخذ منه كفيلا بنفقة شهر واحد وإن قال أغيب شهرين يأخذ كفيلا بنفقة شهرين وكذا السنة وأما في الدين المؤجل قالوا على قياس ما روي عن أبي يوسف رحمه الله في النفقة لو أخذ كفيلا كان حسنا وذكر في المنتقى له أن يأخذ كفيلا بالدين المؤجل إذا أراد المطلوب أن يسافر قبل حلول الأجل وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى إذا بقي من الأجل شيء قليل فأراد الغريم أن يسافر وسأل الطالب من القاضي أن يأخذ منه كفيلا أو يمنعه من السفر فإن القاضي لا يجيبه إلى ذلك ولا يأخذ منه كفيلا قال وهذا في قولهم جميعا ولم يستحسن أبو يوسف رحمه الله تعالى في الدين المؤجل فكان هذا نفضا عليه وإن كفل للمرأة رجل بنفقة كل شهر لم يكن كفيلا إلا بنفقة شهر واحد وهو بمنزلة ما لو آجر داره كل شهر كانت الإجارة في شهر واحد حتى كان لصاحب الدار أن يخرجه من الدار إذا جاء رأس السنة الثاني وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا كفل بنفقة كل شهر كان على الأبد استحسانا وكذا لو قال رجل لامرأته تزوجي على أني ضامن بنفقتك كل شهر كان على الأبد ولو قال الكفيل كفلت لك عن زوجك بنفقة سنة كان كفيلا بنفقة السنة وكذا لو قال كفلت لك بالنفقة لك بالنفقة أبدا أو ماعشت كان كفيلا بالنفقة ما دامت في نكاحه وإذا كفل إنسان بنفقة شهر أو سنة فطلقها زوجها بائنا أو رجعيا يؤخذ الكفيل بنفقة العدة.
رجل خاصمته امرأة إلى القاضي في النفقة فقال أبو الزوج أنا أعطيك النفقة فأعطاها مائة درهم ثم طلقها الزوج لم يكن للأب أن يسترج منها ما أعطاها من النفقة لأن إعطاء الأب بمنزلة الابن ولو عجل الابن النفقة ثم طلقها لم يكن لها أن يسترد منها ما عجل إذا طلبت المرأة من القاضي أن يفرض لها النفقة ففرض وهو معسر فإن القاضي يأمرها بالاستدانة ثم ترجع على الزوج إذا أيسر ولا يحبسه في النفقة إذا علم أنه معسر وإن لم يعلم القاضي أنه معسر وسألت المرأة حبسه بالنفقة لا يحبسه القاضي في أول مرة لكن يأمره بالإنفاق ويخبره أنه يحبسه إن لم ينفق فإن عادت المرأة بعد ذلك مرتين أو ثلاثا حبسه القاضي وكذا في دين آخر غير النفقة وإذا حبسه القاضي شهرين أو ثلاثة يسأل عنه وفي بعض المواضع ذكر أربعة أشهر والصحيح أنه ليس بمقدر بل هو مفوض إلى رأي القاضي إن كان في أكبر رأيه أنه لو كان له مال يضجر ويؤدي الدين يخلي سبيله ولا يمنع الطالب عن ملازمته بل للطالب أن يدور معه أينما دار ولا يقعده في مكان ولا يمنعه عن التصرف وإن كان غنيا لا يخرجه حتى يؤدي الدين والنفقة إلا برضا الطالب فإن كان له مال حاضر أخذ القاضي الدراهم والدنانير من ماله ويؤدي منها النفقة والدين لأن صاحب الحق لو ظفر بجنس حقه كان له أن يأخذ وكذا إذا ظفر بطعام في النفقة وإن كان الدين دراهم فوجد دنانير مديونه في القياس ليس له أن يأخذ وفي الاستحسان له أن يأخذ ولا يبيع القاضي عروضه في النفقة والدين في قول أبي حنيفة وقال صاحباه وهو قول الشافعي رحمه الله تعالى للقاضي أن يبيع وإذا فرض القاضي النفقة للمرأة كل شهر فمضت أشهر ولم يوف حتى مات أحد الزوجين سقطت النفقة ولو كانت المرأة استدانت بعد الفرض بأمر القاضي ثم مات أحد الزوجين قبل القبض لا يسقط المستدانة ولو فرض لها القاضي النفقة ولم يأمرها بالاستدانة فاستدانت أو صالحت زوجها من النفقة كل شهر على شيء معلوم فاستدانت أو لم تستدن كان لها أن ترجع على الزوج بما فرض لها القاضي ما داما حيين وإذا مات أحدهما لم يكن له أن يرجع في تركة الميت وكما تسقط المفروضة بموت أحد الزوجين هل تسقط بالطلاق اختلفوا فيه قال بعضهم لا تسقط وقال القاضي الإمام أبو علي النسفي وجدت رواية في السقوط وذكر البقالي أن على قول محمد تسقط ولا رواية فيه عن أبي يوسف رحمه الله تعالى وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى زاد الخصاف لسقوط النفقة المفروضة شيئا آخر فقال تسقط بموته وبموتها وتسقط إذا طلقها وأبانها ولو فرض القاضي للمطلقة نفقة العدة فلم يأخذ حتى انقضت العدة ثم تسقط كما تسقط بالموت قال بعضهم لا تسقط وذكر شمس الأئمة الحلواني إذا فرض القاضي للمرأة نفقة العدة فلم تستوف حتى مات أحد الزوجين تسقط وكذا إذا انقضت عدتها قبل القبض.
القاضي إذا فرض للمرأة النفقة فقال الزوج استقرضي كل شهر كذا وأنفقي على نفسك ففعلت ليس لها أن ترجع على الزوج إلا أن يقول الزوج ترجع بذلك علي.
Page 211