Fatawa Kubra
الفتاوى الكبرى
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م
وَقَوْلُهُ: «فَيُبْعَثُ إلَيْهِ الْمَلَكُ فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيُقَالُ لَهُ اُكْتُبْ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ» . فَهَذَا الْفَرْقُ أَيْضًا ثَابِتٌ فِي حَقِّ اللَّهِ، وَنَظِيرُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كِتَابَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ قَوْله تَعَالَى ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الروم: ٤٧] . وَقَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «يَا مُعَاذُ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ؟ قُلْت: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: حَقُّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ. قُلْت: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: حَقُّهُمْ عَلَيْهِ أَلَّا يُعَذِّبَهُمْ»، وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ: " كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ كَذَا ". فَهَذَا الْحَقُّ الَّذِي عَلَيْهِ هُوَ أَحَقُّهُ عَلَى نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ.
وَنَظِيرُ تَحْرِيمِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِيجَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ، مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ قَسَمِهِ لَيَفْعَلَنَّ وَكَلِمَتُهُ السَّابِقَةُ، كَقَوْلِهِ: ﴿وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ﴾ [طه: ١٢٩]، وَقَوْلُهُ: ﴿لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ﴾ [الأعراف: ١٨] وَ﴿لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ﴾ [إبراهيم: ١٣] . ﴿فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾ [آل عمران: ١٩٥]، ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ﴾ [الأعراف: ٦]، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ صِيَغِ الْقَسَمِ الْمُتَضَمِّنَةِ مَعْنَى الْإِيجَابِ، وَالْمَعْنَى بِخِلَافِ الْقَسَمِ الْمُتَضَمِّنِ لِلْخَبَرِ الْمَحْضِ، وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ: الْيَمِينُ إمَّا أَنْ تُوجِبَ حَقًّا، أَوْ مَنْعًا، أَوْ تَصْدِيقًا، أَوْ تَكْذِيبًا.
1 / 85