Fatawa Kubra
الفتاوى الكبرى
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م
وَأَمَّا جَعْلُ الْمُصْحَفِ عِنْدَ الْقُبُورِ، وَإِيقَادُ الْقَنَادِيلِ هُنَاكَ فَهَذَا مَكْرُوهٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ قَدْ جُعِلَ لِلْقِرَاءَةِ فِيهِ هُنَالِكَ، فَكَيْفَ إذَا لَمْ يُقْرَأْ فِيهِ؟ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ، وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ» . فَإِيقَادُ السُّرُجِ مِنْ قِنْدِيلٍ وَغَيْرِهِ عَلَى الْقُبُورِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْفِعْلَيْنِ الَّذِي لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنْ يَفْعَلُهُمَا كَمَا قَالَ: «لَا يَخْرُجُ الرَّجُلَانِ يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ كَاشِفَيْنِ عَنْ عَوْرَاتِهِمَا يَتَحَدَّثَانِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُنْهَى عَنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَحْدَهُ، وَعَنْ التَّحَدُّثِ وَحْدَهُ، وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾ [الفرقان: ٦٨] ﴿يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا﴾ [الفرقان: ٦٩] .
فَتَوَعَّدَ عَلَى مَجْمُوعِ أَفْعَالٍ، وَكُلُّ فِعْلٍ مِنْهَا مُحَرَّمٌ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ تَرْتِيبَ الذَّمِّ عَلَى الْمَجْمُوعِ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الذَّمِّ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهَا مُبَاحًا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الذَّمِّ، وَالْحَرَامُ لَا يَتَوَكَّدُ بِانْضِمَامِ الْمُبَاحِ الْمُخَصِّصِ إلَيْهِ وَالْأَئِمَّةُ قَدْ تَنَازَعُوا فِي الْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ، فَكَرِهَهَا أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ فِي
1 / 50