222

Fatawa Kubra

الفتاوى الكبرى

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م

وَأَيْضًا فَاللَّبَنُ، وَالْإِنْفَحَةُ لَمْ يَمُوتَا، وَإِنَّمَا نَجَّسَهَا مَنْ نَجَّسَهَا لِكَوْنِهَا فِي وِعَاءٍ نَجَسٍ، فَتَكُونُ مَائِعًا فِي وِعَاءٍ نَجَسٍ، فَالنَّجَسُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَدَّمَتَيْنِ: عَلَى أَنَّ الْمَائِعَ لَاقَى وِعَاءً نَجِسًا، وَعَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ صَارَ نَجِسًا، فَيُقَالُ أَوَّلًا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَائِعَ يَنْجُسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ السُّنَّةَ دَلَّتْ عَلَى طَهَارَتِهِ لَا عَلَى نَجَاسَتِهِ، وَيُقَالُ ثَانِيًا: الْمُلَاقَاةُ فِي الْبَاطِنِ لَا حُكْمَ لَهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ﴾ [النحل: ٦٦] . وَلِهَذَا يَجُوزُ حَمْلُ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ فِي الصَّلَاةِ مَعَ مَا فِي بَاطِنِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ فِي السِّوَاكِ وَتَسْرِيحِ اللِّحْيَةِ فِي الْمَسْجِدِ]
٣٤ - ١٨ - مَسْأَلَةٌ:
فِي السِّوَاكِ، وَتَسْرِيحِ اللِّحْيَةِ فِي الْمَسْجِدِ، هَلْ هُوَ جَائِزٌ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: أَمَّا السِّوَاكُ فِي الْمَسْجِدِ، فَمَا عَلِمْت أَحَدًا مِنْ الْعُلَمَاءِ كَرِهَهُ، بَلْ الْآثَارُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَسْتَاكُونَ فِي الْمَسْجِدِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَبْصُقَ الرَّجُلُ فِي ثِيَابِهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَيَمْتَخِطَ فِي ثِيَابِهِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الثَّابِتَةِ عَنْهُ، بَلْ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ فِي الْمَسْجِدِ بِلَا كَرَاهَةٍ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ: فَإِذَا جَازَ الْوُضُوءُ فِيهِ، مَعَ أَنَّ الْوُضُوءَ يَكُونُ فِيهِ السِّوَاكُ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ، وَالصَّلَاةُ يَسْتَاكُ عِنْدَهَا، فَكَيْفَ يُكْرَهُ السِّوَاكُ؟ وَإِذَا جَازَ الْبُصَاقُ وَالِامْتِخَاطُ فِيهِ، فَكَيْفَ يُكْرَهُ السِّوَاكُ؟ وَأَمَّا التَّسْرِيحُ فَإِنَّمَا كَرِهَهُ بَعْضُ النَّاسِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَعْرَ الْإِنْسَانِ الْمُنْفَصِلَ نَجِسٌ، وَيُمْنَعُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْجِدِ شَيْءٌ نَجِسٌ، أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَالْقَذَاةِ.
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ شَعْرَ الْإِنْسَانِ الْمُنْفَصِلَ عَنْهُ طَاهِرٌ: كَمَذْهَبِ مَالِكٍ،

1 / 272