Fatawa Kubra
الفتاوى الكبرى
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م
جُنُودُهُ، وَإِذَا خَبُثَ الْمَلِكُ خَبُثَتْ جُنُودُهُ، وَالنِّيَّةُ عَمَلُ الْمَلِكِ بِخِلَافِ الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ فَإِنَّهَا عَمَلُ الْجُنُودِ.
الرَّابِعُ: أَنَّ تَوْبَةَ الْعَاجِزِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ تَصِحُّ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ: كَتَوْبَةِ الْمَجْبُوبِ عَنْ الزِّنَا، وَكَتَوْبَةِ الْمَقْطُوعِ اللِّسَانِ عَنْ الْقَذْفِ، وَغَيْرِهِ. وَأَصْلُ التَّوْبَةِ: عَزْمُ الْقَلْبِ، وَهَذَا حَاصِلٌ مَعَ الْعَجْزِ.
الْخَامِسُ: أَنَّ النِّيَّةَ لَا يَدْخُلُهَا فَسَادٌ بِخِلَافِ الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ، فَإِنَّ النِّيَّةَ أَصْلُهَا حُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِرَادَةُ وَجْهِهِ، وَهَذَا هُوَ بِنَفْسِهِ مَحْبُوبٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، مَرَضِيٌّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ. وَالْأَعْمَالُ الظَّاهِرَةُ تَدْخُلُهَا آفَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَمَا لَمْ تَسْلَمْ مِنْهَا لَمْ تَكُنْ مَقْبُولَةً، وَلِهَذَا كَانَتْ أَعْمَالُ الْقَلْبِ الْمُجَرَّدَةُ أَفْضَلَ مِنْ أَعْمَالِ الْبَدَنِ الْمُجَرَّدَةِ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: قُوَّةُ الْمُؤْمِنِ فِي قَلْبِهِ، وَضَعْفُهُ فِي جِسْمِهِ، وَقُوَّةُ الْمُنَافِقِ فِي جِسْمِهِ وَضَعْفُهُ فِي قَلْبِهِ ". وَتَفْصِيلُ هَذَا يَطُولُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ النِّيَّة فِي الدُّخُولِ فِي الْعِبَادَاتِ]
١٨ - ٢ مَسْأَلَةٌ:
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَنْ النِّيَّةِ فِي الدُّخُولِ فِي الْعِبَادَاتِ مِنْ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، هَلْ تَفْتَقِرُ إلَى نُطْقِ اللِّسَانِ؟ مِثْلُ قَوْلِ الْقَائِلِ: نَوَيْت أُصَلِّي، وَنَوَيْت أَصُومُ؟
أَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، نِيَّةُ الطَّهَارَةِ مِنْ وُضُوءٍ، أَوْ غُسْلٍ أَوْ تَيَمُّمٍ، وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، وَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعِبَادَاتِ؛ لَا تَفْتَقِرُ إلَى نُطْقِ اللِّسَانِ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ، بَلْ النِّيَّةُ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ بِاتِّفَاقِهِمْ، فَلَوْ لَفَظَ بِلِسَانِهِ غَلَطًا خِلَافَ مَا فِي قَلْبِهِ فَالِاعْتِبَارُ بِمَا يَنْوِي لَا بِمَا لَفَظَ. وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، إلَّا أَنَّ بَعْضَ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ خَرَّجَ
1 / 213