Fatawa Kubra
الفتاوى الكبرى
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م
فَلَمَّا خَرَجَ الْحُسَيْنُ ﵁ وَرَأَى أَنَّ الْأُمُورَ قَدْ تَغَيَّرَتْ، طَلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يَدْعُوهُ يَرْجِعُ، أَوْ يَلْحَقَ بِبَعْضِ الثُّغُورِ، أَوْ يَلْحَقَ بِابْنِ عَمِّهِ يَزِيدَ، فَمَنَعُوهُ هَذَا وَهَذَا. حَتَّى يَسْتَأْسِرَ، وَقَاتَلُوهُ فَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلُوهُ. وَطَائِفَةٌ مِمَّنْ مَعَهُ، مَظْلُومًا شَهِيدًا شَهَادَةً أَكْرَمُهُ اللَّهُ بِهَا وَأَلْحَقَهُ بِأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ. وَأَهَانَ بِهَا مَنْ ظَلَمَهُ وَاعْتَدَى عَلَيْهِ، وَأَوْجَبَ ذَلِكَ شَرًّا بَيْنَ النَّاسِ.
فَصَارَتْ طَائِفَةٌ جَاهِلَةٌ ظَالِمَةٌ: إمَّا مُلْحِدَةٌ مُنَافِقَةٌ، وَإِمَّا ضَالَّةٌ غَاوِيَةٌ، تُظْهِرُ مُوَالَاتَهُ، وَمُوَالَاةَ أَهْلِ بَيْتِهِ تَتَّخِذُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ مَأْتَمٍ وَحُزْنٍ وَنِيَاحَةٍ، وَتُظْهِرُ فِيهِ شِعَارَ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ لَطْمِ الْخُدُودِ، وَشَقِّ الْجُيُوبِ، وَالتَّعَزِّي بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَاَلَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ فِي الْمُصِيبَةِ - إذَا كَانَتْ جَدِيدَةً - إنَّمَا هُوَ الصَّبْرُ وَالِاحْتِسَابُ وَالِاسْتِرْجَاعُ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: ١٥٥] ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٥٦] ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة: ١٥٧] .
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «لَيْسَ مِنَّا مِنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» . وَقَالَ: «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الصَّالِقَةِ، وَالْحَالِقَةِ، وَالشَّاقَّةِ» . وَقَالَ: «النَّائِحَةُ إذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ» .
وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهَا الْحُسَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ، فَيَذْكُرُ مُصِيبَتَهُ وَإِنْ قَدِمَتْ، فَيُحْدِثُ لَهَا اسْتِرْجَاعًا إلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلَ أَجْرِهِ يَوْمَ أُصِيبَ بِهَا» .
1 / 200